بل هذا أمرٌ لا يختصُّ بالإنسان، بل كثيرٌ من الحيوان يعرفُ أوقاتَ المطر والصَّحو والبرد وغيره، كما ذكره الناسُ في كتب الحيوان.
والفرسُ الرديءُ الخُلُق إذا رأى اللِّجام من بعيدٍ نَفَرَ وجزعَ وعضَّ من يريدُ أن يُلْجِمَه، علمًا منه بما يكونُ بعد اللِّجام.
وهذه النملةُ إذا خزَنت الحَبَّ في بيوتها كَسَرَتْه نصفَين، علمًا منها بأنه ينبتُ إذا كان صِحاحًا، وأنه إذا تكسَّر لا ينبت، فإذا خزَنت الكُسْفُرة (?) كسرَتها بأربعة أرباع، علمًا منها بأنها تنبتُ إذا كُسِرَت بنصفين.
وهذا السِّنَّور يدفنُ أذاهُ ويغطِّيه بالتراب، علمًا منه بأنَّ الفأرَ يهربُ من رائحته، فيفوتُه الصَّيد، ويشمُّه أوَّلًا فإن وجَد رائحتَه شديدةً غطَّاه بحيث يواري الرَّائحةَ والجِرْم، وإلا اكتفى بأيسر التغطية.
وهذا الأسدُ إذا مشى في لِينٍ (?) سَحَبَ ذنبَه على آثارِ رجليه ليغطِّيها، علمًا منه بأنَ المارَّ يرى مواطئَ رجليه ويديه.
وإذا ألِفَ السِّنَّورُ المنزلَ منَع غيرَه من السَّنانير الدخولَ إلى ذلك المنزل، وحاربهم أشدَّ محاربة، وهم مِن جنسه؛ علمًا منه بأنَّ أربابَه ربما استحسنوه وقدَّموه عليه، أو شاركوا بينه وبينه في المطعم، وإن أخَذ شيئًا مما يخزُنه أصحابُ المنزل عنه هرَب، علمًا منه بما يكونُ إليه منهم من الضَّرب، فإذا ضربوه تملَّقهم أشدَّ التملُّق، وتمسَّح بهم، ولَطَعَ أقدامهم (?)، علمًا منه