فإن قيل: لو قُدِّر عدمُ الجاعل لها لم يرتفع كونُها ذواتٍ، ولو كانت ذواتٍ بجَعْلِه لارتفع كونُها ذواتٍ بتقدير ارتفاعه.

قيل: ما تعني بكونها ذواتٍ وماهيَّات؟ أتعني به تحقُّقَ ذلك في الخارج؟ أو في الذِّهن؟ أو أعمَّ منها؟

فإن عنيتَ الأول، فلا ريب في بطلان كونها ذواتٍ وماهيَّات، وعلى تقدير (?) ارتفاع الجاعل.

وإن عنيتَ الثَّاني، فالصُّورُ الذِّهنيةُ مجعولةٌ له أيضًا؛ لأنه هو الذي علَّم فأوجَد الحقائق الذِّهنية في العلم، كما أنه الذي خلقَ فأوجَد الحقائقَ الذهنية في العَيْن، فهو الأكرمُ الذي خلق وعلَّم، فما في الذهن بتعليمه، وما في الخارج بخلقه.

وإن عنيتَ القَدْرَ المشتركَ بين الخارج والذِّهن، وهو مسمَّى كونها ذوات وماهيَّات بقطع النظر عن تقييدٍ بالذِّهن أو الخارج، قيل لك: هذه ليست بشيءٍ البتة، فإنَّ الشيء إنما يكون شيئا في الخارج أو في الذِّهن والعلم، وما ليس له حقيقةٌ خارجيةٌ ولا ذهنيةٌ فليس بشيء، بل هو عدمٌ صِرْف، ولا ريب أنَّ العدمَ ليس بفعلِ فاعلٍ ولا جَعْلِ جاعل.

فإن قيل: هي لا تنفكُّ عن أحد الوجودَين، إمَّا الذِّهني، وإمَّا الخارجي، ولكن نحن أخذناها مجرَّدةً عن الوجودَين، ونظرنا إليها من هذه الحيثيَّة وهذا الاعتبار، ثمَّ حَكمنا عليها بقطع النظر عن تقييدها بذهنٍ أو خارج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015