وللحقِّ، ونفسُ خلقه له حقٌّ، وهو شاهدٌ من شواهد الحقِّ، فإنَّ أحقَّ الحقِّ هو التوحيد، كما أنَّ أظلمَ الظُّلم هو الشرك.

ومخلوقاتُ الربِّ تعالى كلُّها شاهدةٌ له بأنه الله الذي لا إله إلا هو، وأنَّ كلَّ معبودٍ باطلٌ سواه، وكلُّ مخلوقٍ شاهدٌ بهذا الحقِّ؛ إمَّا شهادةَ نُطْقٍ، وإمَّا شهادةَ حال، وإنْ ظَهَرَ بفعله وقوله خلافُها، كالمشرك الذي يشهدُ حالُ خلقِه وإبداعِه وصُنعِه لخالقه وفاطره أنه الله الذي لا إله إلا هو، وإنْ عبد غيرَه وزعَم أنَّ له شريكًا، فشاهدُ حاله مكذِّبٌ له مُبْطِلٌ لشهادة فعله وقالِه.

وأمَّا قوله (?): "إنه لا يمكن أن يقال: المرادُ أنه خَلَقها على وجهٍ يمكنُ الاستدلالُ بها على الصانع الحكيم ... " إلى آخر كلامه.

فيقال له: إذا كانت دلالتُها على صانعها أمرًا ثابتًا لها لذواتها، وذواتهُا إنما وُجِدَتْ بإيجاده وتكوينه، كانت دلالتُها بسبب فعل الفاعل المختار لها، ولكنَّ هذا بناءٌ منه على أصلٍ فاسدٍ يكرِّره في كتبه، وهو أنَّ الذوات ليست بمجعولة، ولا تتعلَّقُ بفعل الفاعل (?)، وهذا مما أنكره عليه أهلُ العلم والإيمان، وقالوا: إنَّ كونها ذواتٍ، وإنَّ وجودَها وأوصافَها وكلَّ ما ينسبُ إليها هو بفعل الفاعل، فكونُها ذواتٍ وما يتبعُ ذلك من دلالتها على الصانع كلُّه بجَعْل الجاعل، فهو الذي جعَل الذوات والصِّفات، وثبوتُ دلالتها لذاتها لا ينفي أن تكون بجَعْل الجاعل، فإنه لمَّا جعَلها على هذه الصفة مستلزمةً لدلالتها عليه كانت دلالتُها عليه بجَعْلِه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015