إلى آخر كلامكم المتضمِّن خلقَ السموات الأرض بغير أمرٍ ولا نهيٍ ولا ثوابٍ ولا عقاب.
وهذا هو الباطلُ الذي نفاهُ الله سبحانه عن نفسه، وأخبر أنه ظَنُّ أعدائه الكافرين، ولهذا اتفقَ المفسِّرون على أنَّ الحقَ الذي خُلِقَت به السمواتُ والأرض هو الأمرُ والنهيُ وما يترتَّبُ عليهما من الثواب والعقاب (?)، فمن جحَد ذلك، وجحَد رسالةَ الرسل، وكفَر بالمعاد، وأحالَ حوادثَ العالم على حركات الكواكب، فقد زعَم أنَّ خلقَ السموات والأرض أبطلُ الباطل (?)، وأنَّ العالم خُلِقَ عبثًا، وتُرِكَ سُدى، وخُلي هملًا، وغايةُ ما خُلِقَ له أن يكون متمتعًا باللذَّات الحِسِّية -كالبهائم- في هذه المدَّة القصيرة جدًّا، ثمَّ يفارقُ الوجودَ وتُحْدِثُ حركاتُ الكواكب أشخاصًا مثلَه هكذا أبدًا.
فأيُّ باطلٍ أبطلُ من هذا؟ ! وأيُّ عبثٍ فوق هذا؟ ! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)} [المؤمنون: 115 - 116].
والحقُّ الذي خُلِقَت به السمواتُ والأرضُ وما بينهما هو إلهيةُ الربِّ المتضمِّنةُ لكمال حكمته وملكه، وأمرُه ونهيُه المتضمِّنُ لشرعه، وثوابُه وعقابُه المتضمِّنُ لعدله وفضله ولقائه.
فالحقُّ الذي وُجِدَ به العالم كونُ الله سبحانه هو الإله الحقَّ المعبود، والآمرَ الناهي المتصرِّف في الممالك بالأمر والنهي، وذلك يستلزمُ إرسال