وجُوده وحكمته، لا مَعِيبَ الفضل، ولا معدومَ الاختيار (?)، ولا مردودَ الحكمة (?)، ولا مجحودَ الذَّات، ولا محدود (?) الصفات، سبحانه.
وهو مع هذا كلِّه لم يستفد شيئًا، ولم ينتفع بشيء، بل استفاد منه كلُّ شيء، وانتفع به كلُّ شيء، وبلغَ غايتَه كلُّ شيء، بحسب مادَّته المنقادة، وصورته المعتادة، ولم يثبُت بشيء، وثبت به كلُّ شيء، فهو الفاعلُ القادرُ الجوادُ الواهب، والمُنِيلُ المُفْضل (?)، والأولُ السابق.
فلمَّا كان الباحثُ عن العالَم العُلويِّ بتصفُّح سكَّانه (?)، ومعرفة آثاره ومواقعه وأسراره، متعرِّضًا لأن يكون مشابهًا (?) لبارئه، مناسبًا لربِّه بهذا الوجه المعروف = استحال أن يستفيد بعلمه، كما استحال أن يستفيد خالقُه بفعله؛ لأنَّ نعتَه لَصِقَ به (?)، وحكمَه لَزِمَه، وحِلْيتَه (?) بدت منه، وصفتَه عادت عليه.
وهذه حالٌ إذا فَطِنَ لها، وأشرفَ ببصيرةٍ ثاقبةٍ عليها، وتحقَّق بحقيقتها، وترقَّى (?) للخبرة بسَنيِّ ما فيها، علم اضطرارًا عقليًّا أنها أجلُّ وأعلى وأنفس