وكان أبو رَكْوَة قد مَلَكَ بَرْقَة وأعمالَها، وكثُرت جموعُه، وقَوِيَت شوكتُه، وخرجت إليه جيوشُ الحاكم من مصر فعادت مفلولة (?)، فلم يَشُكَّ النَّاسُ في حِذْقِ المنجِّمين.
وكان مِنْ تدبير الحاكم أنْ دعا خواصَّ رجاله وأمرهم أن يعملوا بما رآه من احتياله، وهو أن يكاتِبوا أبا رَكْوةَ بأنهم على مذهبه، وأنهم مائلون عن الدَّعوة الحاكميَّة، وراغبون في الدَّعوة الوليديَّة الأمويَّة، وأطمَعُوه بكلِّ ما أوهموه به أنهم صادقون، وله مناصحون، فلمَّا وَثِقَ بما قالوه، وخَفِيَ عليه ما احتالوه، زحَف بعساكره حتَّى نَزل بِوَسِيم (?) على ثلاثة فراسخ من مصر، فخرجت إليه العساكرُ الحاكميَّة، فهزمتْه، فتحقَّق أنها كانت خديعة، فهربَ وقُتِلَ خلقٌ كثيرٌ من عسكره، وطُلِبَ فأُخِذ أسيرًا، ودُخِل به القاهرةَ على