أحكام النجوم، وهم الأكثرون من الخلائق. ومثالُ البصراء عندهم: هم أهل هذا العلم (?)، وهم الأقلُّون. ومثالُ الطريق الذي حصلت فيه الآبارُ العميقةُ المُهْلِكة: الزمان الذي يمضي على الخلق أجمعين (?). ومثالُ تلك الآبار: المصائب الزمانيَّة والمِحَن والبلايا.
فلو كان هذا العلمُ صحيحًا لوجَب أن يكون فوزُ المنجِّمين بالغِنى والسلامة والنِّعم أتمَّ فوز، وسلامتُهم فوق كلِّ سلامة. ومعلومٌ أنَّ الأمر بالعكس، والغالبُ كونُ المنجِّمين ومَنْ سَمِعَ منهم وعَمِلَ بقولهم في الإدبار والنَّحْس والحرمان، والواقعُ أبينُ شاهدٍ بذلك، ولو ذهبنا نذكُر الوقائعَ التي شُوهِدَت من ذلك واشتملت عليها التواريخُ لزادت على ألوفٍ عديدة.
فلا تجدُ أحدًا راعى هذا العلمَ وتقيَّد به في حركاته واختياراته إلا وكانت عاقبتُه قريبًا إلى إدبارٍ ونِكايةٍ وبلايا لا يصابُ بها سواه، ومَنْ كَثُرَ خُبْرُه بأحوال الناس فإنه يعرفُ من ذلك مالا يعرفُه غيرُه.
الوجه الثاني عشر: أنَّا نشاهدُ عالَمًا كثيرًا يُقْتَلون في ساعةٍ واحدةٍ في حرب، وخلقًا يَغْرَقُون في ساعةٍ واحدة، مع القطع باختلاف طوالعهم، واقتضائها عندكم أحوالًا مختلفة! ولو كان للطوالع تأثيرٌ في هذا لامتنع عند اختلافها الاشتراكُ في ذلك (?).
ولا ينفعكم جوابُ من انتصر لكم بأنَّ الطوالعَ قد يكون بعضُها أقوى من بعض، ولعل طالعَ الوقت أقوى من طالع الأصل، وكان الحكمُ له، فإنَّ