سيَّما إذا يئسَ من قُرْبِه، وحَظِيَ غيرُه بحبِّه ووَصْلِه، هذا مع إمكان التَّعوُّض (?) عنه بمحبوبٍ آخرَ نظيرِه أو خيرٍ منه، فكيف بروحٍ فقدت محبوبَها الحقَّ الذي لم تُخْلَق إلا لمحبته، ولا كمال لها ولا صلاحَ أصلًا إلا بأن يكون أحبَّ إليها من كلِّ ما سواه؟ ! وهو محبوبُها الذي لا يعوِّض عنه سواه بوجهٍ ما (?)، كما قال القائل:
مِنْ كل شيءٍ إذا ضيَّعتَه عِوَضٌ ... وما مِن الله إن ضيَّعتَه عِوَضُ (?)
ولو لم يكن احتجابُه سبحانه عن عبده أشدَّ أنواع العذاب عليه لم يتوعَّد (?) به أعداءه؛ كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} [المطففين: 15، 16]؛ فأخبَر أنَّ لهم عذابين:
أحدهما: عذابُ الحجاب عنه.
والثاني: صِلِيُّ الجحيم.
وأحدُ العذابين أشدُّ من الآخر.