مفسدة المشابهة، بحيث انغمَرَت هذه المفسدةُ بالنسبة إلى الفريضة = لم يُمْنَع منها، بخلاف النَّافلة؛ فإنَّ في فعلها في غير هذه الأوقات غُنْيةً عن فعلها فيها، فلا تفُوتُ مصلحتُها، فيقعُ فعلُها في وقت النهي مفسدةً راجحة.
ومِنْ هاهنا جوَّز كثيرٌ من الفقهاء ذواتِ الأسباب في وقت النهي؛ لتَرجُّح مصلحتها؛ فإنها لا تُقْضى، ولا يمكنُ تداركُها، وكانت مفسدةُ تفويتها أرجحَ من مفسدة المشابهة المذكورة.
وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة (?).
فما الذي يُحِيلُ اشتمالَ الحركة الواحدة على صفاتٍ مختلفة بهذه المثابة، ويكونُ بعضها أرجحَ من بعض، فيُقضى للرَّاجح عقلًا وشرعًا؟ !
وعلى هذا المثال مسائلُ عامَّة الشريعة، ولولا الإطالةُ لكتبنا منها ما يبلغُ ألفَ مثال، والعالمُ ينتبهُ للجزئيَّات بالقاعدة الكليَّة.
الوجه الستُّون: قولكم: "وليس معنى قولنا: إن العقلَ استنبطَ منها أنها كانت موجودةً في الشيء فاستخرجَها العقل، بل العقلُ تردَّد بين إضافات الأحوال بعضِها إلى بعض، ونسَبِ الحركات والأشخاص نوعًا إلى نوع، وشخصًا إلى شخص، فطَرأ عليه من تلك المعاني ما حكيناه، وربَّما يبلُغ مبلغًا يَشِذُّ عن الإحصاء، فعُرِفَ أنَّ المعاني لم تَرجِع إلى الذَّات، بل إلى مجرَّد الخواطر، وهي متعارضة" (?).