ولو تساووا جميعُهم في النعمة والعافية لم يعرِف صاحبُ النعمة قدرَها، ولم يبذل شكرَها إذ لا يرى أحدًا إلا في مثل حاله.
ومن أقوى أسباب الشكر وأعظمها استخراجًا له من العبد: أن يرى غيرَه في ضدِّ حاله الذي هو عليها من الكمال والفلاح.
وفي الأثر المشهور: أنَّ الله سبحانه لما أرى آدمَ- عليه السلام- ذريتَه، وتفاوتَ مراتبهم (?)، قال: يا ربِّ! هلَّا سوَّيتَ بين عبادك. قال: "إني أحبُّ أن أُشْكَر" (?).
فاقتضت محبتُه سبحانه لأن يُشْكَر خَلْقَ الأسباب التي يكونُ شكرُ الشَّاكرين عندها أعظمَ وأكمل، وهذا هو عينُ الحكمة الصَّادرة عن صفة الحمد.