ألم القتل إلا كمسِّ القَرْصَة.
ومن لم يَمُتْ بالسَّيف ماتَ بغيره ... تنوَّعت الأسبابُ والداءُ واحدُ (?)
فليس إماتةُ أوليائه شهداءَ بيد أعدائه إهانةً لهم ولا غضبًا عليهم، بل كرامةً ورحمةً وإحسانًا ولطفًا، وكذلك الغَرَقُ والحَرَقُ والهَدْمُ والتَّردِّي (?) والبَطْنُ وغيرُ ذلك، والمخلوقُ ليس بهذه المثابة، فلهذا قَبُحَ منه الإغراقُ والإهلاكُ وحَسُنَ من اللطيف الخبير.
الوجه السابع والثَّلاثون: قولكم: "إذا كان لله في إغراقه وإهلاكه سبحانه حكمةٌ وسِرٌّ لا نطَّلعُ عليه نحن، فقدِّروا مثلَه في ترك إنقاذنا الغرقى" (?) كلامٌ تغني رِكَّتُه وفسادُه عن تكلُّف ردِّه.
وهل يجوزُ أن يقال: إذا كان لله الحكمةُ البالغةُ والأسرارُ العظيمةُ في إهلاك من يهلكه وابتلاء من يبتليه، ولهذا حَسُنَ منه ذلك = فيَلْزَمُ من هذا أن يقال: يجوزُ أن يكون في تركنا إنجاءَ الغرقى ونصرَ المظلوم وسَدَّ الخَلَّة وسترَ العورة حِكَمًا وأسرارًا لا يعلمها العقلاء؟ !
والمُناكَدةُ في البُحوث إذا وصلت إلى هذا الحدِّ سَمُجَت وثَقُلَت على النُّفوس ومجَّتها القلوبُ والأسماع.