وهل هذا الإفكُ المفترى إلا رافعٌ للوثوق بأخباره ووعده ووعيده، وتجويزٌ عليه وعلى كلامه ما هو من أقبح القبائح التي يتنزَّه عنها بعضُ عبيده، ولا تليقُ به، فضلًا عنه سبحانه؟ !
فلو التزمتم كلَّ إلزامٍ يَلْزَم مثبتي (?) الحُسْن والقُبح العقليَّين لكان أسهَل من التزام هذا الإدِّ التي تكادُ السَّمواتُ يتفطَّرن منه وتنشقُّ الأرض وتَخِرُّ الجبالُ هدًّا.
ولا نسبة في القُبح بين الولد والشَّريك والزَّوجة وبين الكذب، ولهذا فَطَر اللهُ عقولَ عباده على الإزارء والذَّمِّ والمَقْت للكاذب دون من له زوجةٌ وولدٌ وشريك؛ فتنزُّهُ أصدق الصَّادقين عن هذا القبيح كتنزُّهه عن الولد والزَّوجة والشريك، بل لا يُعْرَفُ أحدٌ من طوائف العالم جوَّز الكذبَ على الله؛ لِمَا فَطَر اللهُ عقولَ البشر وغيرهم على قُبحه ومَقْتِ فاعله وخِسَّته ودناءته، ونَسَبَت إليه طوائفُ المشركين الشريكَ والولدَ لمَّا لم يكن قبحُه عندهم كقُبح الكذب.
وكفى بمذهبٍ بطلانًا وفسادًا هذا القولُ العظيمُ والإفكُ المبينُ لازِمُه، ومع هذا فأهلُه لا يتحاشَون من التزامه! ! فلو التَزم القائلُ أيَّ مذهبٍ أُلْزِم (?) كان خيرًا له من هذا.
ونحن نستغفرُ الله من التقصير في ردِّ هذا المذهب القبيح، ولكنَّ ظهورَ قُبحه للعقول والفِطر أقوى شاهدٍ على ردِّه وإبطاله، ولقد كان كافينا مِنْ ردِّه نفسُ تصويره وعَرْضِه على عقول النَّاسِ وفِطرهم.