مقتضيةٌ لقُبحه، وهذا هو عينُ الصَّواب لولا أنكم لا تُثْبِتون علَّتَه (?)، وتصرِّحون بأنَّ الفرق بينهما سببُه العادةُ والتَّربيةُ والمنشأُ والتَّديُّنُ بشرائع الأنبياء، حتى لو فُرِض انتفاءُ ذلك لم يُؤثِر الرَّجلُ الصِّدقَ على الكذب. وهل في التَّناقض أقبحُ من هذا؟ !

الوجه الثَّاني والثَّلاثون: قولكم: "إنَّ غاية هذا أن يَدُلَّ على قُبح الكذب وحُسن الصِّدق شاهدًا، ولا يلزم منه حسنُه وقبحُه غائبًا إلا بطريق قياس الغائب على الشاهد، وهو باطلٌ؛ لوضوح الفَرق"، واستنادكم في الفَرق إلى ما ذكرتم مِنْ تخلية الله بين عباده يموجُ بعضهم في بعضٍ ظلمًا وإفسادًا، وقُبح ذلك شاهدًا (?).

فيا لله العَجَب! كيف يجوِّزُ العقلُ التزامَ مذهبٍ يُلْتَزمُ معه (?) جوازُ الكذب على ربِّ العالمين وأصدق الصَّادقين، وأنه لا فرق أصلًا بالنسبة إليه بين الصِّدق والكذب، بل جوازُ الكذب عليه - سبحانه وتعالى عمَّا يقولون علوًّا كبيرًا - كجواز الصِّدق، وحُسْنُه كحُسْنِه؟ !

وهل هذا إلا مِنْ أعظم الإفك والباطل؟ !

ونِسبتُه إلى الله تعالى جوازاً كنسبة ما لا يليقُ بجلاله إليه من الولد والزَّوجة والشريك، بل كنسبة أنواع الظُّلم والشرِّ إليه جوازًا، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، فمن أصدقُ من الله حديثًا؟ ! ومن أصدقُ من الله قِيلًا؟ !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015