وعمِّرت به قبور، وأُزيل به أُنس، واستُجلِبت به وَحْشَة، وأُفسِد به بين الابن وأبيه، وغاض بين الأخ وأخيه (?)، وأحال الصَّديقَ عدوًّا مبينًا، ورَدَّ الغنيَّ العزيزَ ذليلًا مسكينًا!

وكم فرَّق بين الحبيب وحبيبه، فأفسَد عليه عِيشتَه ونغَّص عليه حياتَه! وكم جَلا عن الأوطان! وكم سوَّد مِنْ وجوه، وطمَس مِنْ نور، وأعمى مِنْ بصيرة، وأفسَد مِنْ عقل، وغيَّر مِنْ فِطرة، وجلَب مِن مَعَرَّة، وقطِّعت به [مِن] السُّبل، وعَفَت به [مِنْ] معالم الهداية، ودَرَسَت به مِنْ آثار النُّبوَّة، وخَفِيَت به مِنْ طرق الرَّشاد، وتعطَّلت به مِنْ مصالح العباد في المعاش والمعاد!

وهذا وأضعافُه ذرَّةٌ من مفاسده وجناحُ بعوضةٍ من مضارِّه ومَقابِحه (?)، وإلا فما يجلِبُه من غضب الرَّحمن، وحِرمان الجِنان، وحلول دار الهوان، أعظمُ من ذلك.

وهل مُلِئت الجحيمُ إلا بأهل الكذب، الكاذبين على الله وعلى رسوله وعلى دينه وعلى أوليائه، المكذِّبين بالحقِّ حَمِيَّةً وعصبيَّةً جاهليَّة؟ ! وهل عُمِّرت الجِنانُ إلا بأهل الصِّدق، الصَّادقين المصدِّقين بالحقِّ؟ !

قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 32 - 34].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015