وخالفه لما اتصفت به ذاتُه من الصِّفات المقتضية لهذه الموافقة والمخالفة.

الوجه السَّادس والعشرون: قولكم: "فلو فُرِض هذا في بهيمةٍ أو شخصٍ لا رِقَّة فيه، فيبقى أمرٌ آخر، وهو طلبُ الثَّناء على إحسانه" (?).

فيقال: طلبُ الثَّناء يقتضي أنَّ هذا الفعلَ مما يتعلَّقُ الثَّناء به، وما ذاك إلا لأنَّه في نفسه على صفةٍ تقتضي الثَّناءَ على فاعله، ولو كان هذا الفعلُ مساويًا لضدِّه في نفس الأمر لم يتعلَّق الثَّناءُ به والذَّمُّ بضدِّه، وفِعْلُه لتوقُع الثَّناء لا ينفي أن يكون على صفةٍ لأجلها استحقَّ فاعلُه الثَّناء، بل هو باقتضاء ذلك أولى مِنْ نفيه.

الوجه السَّابع والعشرون: قولكم: "فإن فُرِض في موضعٍ يستحيلُ أن يُعْلَم، فيبقى ميلٌ وترجيحٌ يضاهي نُفرة طبع السَّليم عن الحَبل، وذلك أنه رأى هذه الصُّورة مقرونة بالثَّناء، فيظُنُّ أنَّ الثَّناء مقرون بها بكلِّ حال، كما أنه لما رأى الأذى مقرونًا بصورة الحَبل، وطبعُه ينفرُ عن الأذى، فينفِرُ عن المقرون به؛ فالمقرونُ باللذيذ لذيذ، والمقرونُ بالمكروه مكروه" (?).

فيقال: يا عجبًا، كيف يُرَدُّ أعظمُ الإحسان الذي فَطر اللهُ عقولَ عباده وفِطَرهم على استحسانه (?)، حتَّى لو تُصوِّر نُطْقُ الحيوان البهيم لشَهِد باستحسانه = إلى مجرَّد وهمٍ وخيالٍ فاسدٍ يُشْبه نُفرةَ طبع الرَّجل السَّليم (?) عن حَبلٍ مرقَّش؟ !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015