وكذلك إذا سُلِّط الذَّوقُ والعقلُ على العسل تبيَّن أنَّ نُفرة الطَّبع عنه مستندُها الوهمُ الكاذب.

وإذا تأمَّل الطَّرفُ محاسنَ الجميلة البديعة الجمال تبيَّن أنَّ نُفرتَه عنها لقُبح اسمها وهمٌ فاسد.

وإذا سُلِّط العقلُ الصَّريحُ على الميِّت تبيَّن أنَّ نُفرة الرَّجل عنه لتَوهُّم حركته وثَوَرانه خيالٌ باطلٌ ووهمٌ فاسد.

وهكذا نظائر ذلك.

أفترى يَلْزَمُ من هذا أنَّا إذا سلَّطنا العقلَ الصَّريحَ على الكذب، والظُّلم، والفواحش، والإساءة إلى النَّاس، وكُفران النِّعم، وضَرْب الوالدين، والمبالغة في إهانتهما وسبِّهما، وأمثال ذلك = تبيَّن أنَّ حُكمَه بقُبحِها وهمٌ منه، ليكون نظيرَ ما ذكرتم من الأمثلة؟ !

وهل في الاعتبار أفسدُ من اعتباركم هذا؟ !

فإنَّ الحُكمَ فيما ذكرتم قد تبيَّن بالعقل الصَّريح والحِسِّ أنه حكمٌ وهميٌّ، ونحن لا ننازعُ فيه ولا عاقل؛ لأنَّا لمَّا سلَّطنا عليه العقلَ والحِسَّ ظهر أنَّ مستندَه الوهم، وأمَّا في القضايا التي رُكِّبَ في العقول والفِطر حُسْنُها وقُبحها فإنَّا إذاسلَّطنا العقلَ الصَّريحَ عليها لم يحكُم لها بخلاف ما هي عليه أبدًا، إلا أن يَلْجَؤوا إلى دبُّوس الشِّلاق (?)؛ وهو الصِّدقُ المتضمِّنُ هلاكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015