الإعلامُ به، وفرقٌ بين الخبر والإخبار، فالقُبح إنما وقعَ في الإخبار لا في الخبر.
ولو سلَّمنا ذلك كلَّه؛ فتخلُّف الحُكم العقليِّ لقيام مانعٍ أو لفوات شرطٍ غيرُ مستنكَر.
فهذه الشُّبهة مِنْ أضعف الشُّبه (?)، وحَسْبك ضعفًا بحكمٍ إنما يستندُ إليها وإلى أمثالها!
الوجه الثَّاني والعشرون: أنَّ الوهمَ قد سبق إلى العكس (?)، كمن يرى شيئًا مقرونًا بشيءٍ فيَظنُّ الشيءَ لا محالة مقرونًا به مطلقًا، ولا يدري أنَّ الأخصَّ أبدًا مقرونٌ بالأعمِّ، مِنْ غير عكس.
وتمثيلكم ذلك بنُفرة السَّليم من الحَبل المرقَّش، ونفور الطَّبع عن العسل إذا شُبِّه بالعَذِرَة، إلى آخر ما ذكرتم من الأمثال (?)، كنُفرة الطَّبع عن الحسناء ذات الاسم القبيح، ونُفرة الرَّجُل عن البيت الذي فيه الميِّت، ونُفرة كثيرٍ من النَّاس عن الأقوال الصَّحيحة التي تضافُ إلى من يسيئون الظَّنَّ بهم. فنحن لا ننكرُ أنَّ للوهم تأثيرًا في النُفوس وفي الحبِّ والبُغض، بل هو غالبٌ على أكثر النُّفوس في كثيرٍ من الأحوال، ولكن إذا سلِّط عليه العقلُ الصَّريحُ تبيَّن غلطُه، وأن ما حَكَم به إنما هو موهومٌ لا معقول.
كما إذا سُلِّط العقلُ الصَّريحُ (?) والحِسُّ على الحَبل المرقَّش تبيَّن أنَّ نُفرة الطَّبع عنه مستندُها الوهمُ الباطل.