عَلَى أَنَّنِي آثَرْتُ دُنْيَا دَنِيَّةً ... مُنَغِّصَةً مَشْحُونَةً بِالْمَعَائِبِ
عَلَى عَمَلٍ لِلْعِلْمِ غَيْرِ مُوَافِقٍ ... وَمَا فَضْلُ عِلْمٍ دُونَ فِعْلٍ مُنَاسِبِ
عَلَى فِعْلِ طَاعَاتٍ بِسَهْوٍ وَغَفْلَةٍ ... وَمِنْ غَيْرِ إِحْضَارٍ وَقَلْبٍِ مُرَاقِبِ
أُصَلِّي الصَّلاَةَ الْخَمْسَ وَالْقَلْبُ جَائِلُ ... بِأَوْدِيَةِ الْأَفْكَارِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
عَلَى أَنَّنِي أَتْلُو الْقُرْآنَ كِتَابَهُ ... تَعَالَى بِقَلْبٍ ذَاهِلٍ غَيْرِ رَاهِبِ
عَلَى طُولِ آمَالٍ كَثِيرٍ غُرُورُهَا ... وَنِسْيَانِ مَوْتٍ وَهْوَ أَقْرَبُ غَائِبِ
عَلَى أَنَّنِي قَدْ أَذْكُرُ اللَّهَ خَالِقِي ... بِغَيْرِ حُضُورٍِ لَازِمٍ وَمُصَاحِبِ
عَلَى أَنَّنِي لَا أَذْكُرُ الْقَبْرَ وَالْبِلَى ... كَثِيرًا وَسَفَرًا ذَاهِبًا غَيْرَ آيِبِ
عَلَى أَنَّنِي عَنْ يَوْمِ بَعْثِي وَمَحْشَرِي ... وَعَرْضِي وَمِيزَانِي وَتِلْكَ الْمَصَاعِبِ
مَوَاقِفُ مِنْ أَهْوَالِهَا وَخُطُوبِهَا ... يَشِيبُ مِنَ الْوِلْدَانِ شَعْرُ الذَّوَائِبِ
تَغَافَلْتُ حَتَّى صِرْتُ مِنْ فَرْطِ غَفْلَتِي ... كَأَنِّي لَا أَدْرِي بِتِلْكَ الْمَرَاهِبِ
عَلَى النَّارِ أَنِّي مَا هَجَرْتُ سَبِيلَهَا ... وَلَا خِفْتُ مِنْ حَيَاتِهَا وَالْعَقَارِبِ
عَلَى السَّعْيِ لِلْجَنَّاتِ دَارِ النَّعِيمِ وَالْـ ... ـكَرَامَةِ وَالزُّلْفَى وَنَيْلِ الْمَآرِبِ
مِنَ الْعِزِّ وَالْمُلْكِ الْمُخَلَّدِ وَالْبَقَا ... وَمَا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ مِنْ كُلِّ طَالِبِ
وَأَكْبَرُ مِنْ هَذَا رِضَا الرَّبِّ عَنْهُم ... وَرُؤْيَتُهُمْ إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ حَاجِبِ
فَآهًا عَلَى عَيْشِ الْأَحِبَّةِ نَاعِمًا ... هَنِيئًا مُصَفًّى مِنْ جَمِيعِ الشَّوَائِبِ
وَآهًا عَلَيْنَا فِي غُرُورٍ وَغَفْلَةٍ ... عَنِ الْمَلَاءِ الْأَعْلَى وَقُرْبِ الْحَبَائِبِ
وَآهًا عَلَى مَا فَاتَ مِنْ هَدْيِ سَادَةٍ ... وَمِنْ سِيرَةٍ مَحْمُودَةٍ وَمَذَاهِبِ
عَلَى مَا لَهُمْ مِنْ هِمَّةٍ وَعَزِيمَةٍ ... وَجَدٍّ وَتَشْمِيرٍ لِنَيْلِ الْمَرَاتِبِ
عَلَى مَا لَهُمْ مِنْ عِفَّةٍ وَفُتُوَّةٍ ... وَزُهْدٍ وَتَجْرِيدٍ وَقَطْعِ الْجَوَاذِبِ