(فصل)
28- روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يؤتي بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقا، أنيابها بادية مشوهة الخلقة لا يراها أحد إلا كرهها فتشرف على الخلائق فيقال لهم أتعرفون هذه فيقال لهم هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها ثم يؤمر بها إلى النار فتقول يا رب أين أتباعي وأصحابي وأحبابي فيلحقونها. ووجه إلقائها في النار لينظر إليها أهلها فيرون هوانها على الله جل وعلا.
29- وذكر في الخبر عن عيسى عليه السلام أنه كان ذات يوم ماشيًا إذ نظر إلى امرأة عليها من كل زينة فذهب ليغطي وجهه عنها فقالت اكشف عن وجهك فلست بامرأة أنا الدنيا، فقال لها ألك زوج فقالت لي أزواج كثير فقال أكل طلقك أم كلاً قتلت فقالت بل كلاً قتلت فقال حزنت على أحد منهم فقالت هم يحزنون علي ولا أحزن عليهم ويبكون علي ولا أبكي عليهم.
يُسِيء امْرُؤ مِنَّا فَيُبْغَضُ دَائِمًا ... وَدُنْيَاكَ مَا زَالَتْ تُسيء وَتُومَقُ
أَسَر هَواهَا الشَّيْخُ وَالكَهْلُ وَالفَتَى ... بِجَهْلٍ فَمِنْ النَّواظِرِ تُرْمَقُ
وَمَا هِي أَهْلٌ أَنْ يُؤهَّلَ مِثْلها ... لِود وَلَكِنْ ابن آدم أَحْمَقُ
آخر: مثل الدنيا وانخداع الجهال والحمقى بها كمثل الصبي في المهد ترضعه أمه وتسدل عليه ذالك الغطاء وتهدهده وتغني له حتى ينام فكذلك الدنيا ترضعه حلاوتها ولذاتها وتغطي عليه الهوى وتتابع عليه الأماني وتطول له في الأمل حتى ينام عن الآخرة فكلما ازداد أمله طولاً كان أثقل نومًا ثم سقته