الدنيا دحض مزلة، ودار مذلة عمرانها إلى خراب صائر وعامرها إلى القبور زائر، شملها على الفرقة موقوف، وغناها إلى الفقر مصروف الإكثار فيها إعسار، والإعسار فيها يسار، فافزع إلى الله وارض برزق الله، لا تتسلف من دار فنائك إلى دار بقائك، فإن عيشك في الدنيا فيء زائل وجدار مائل فأكثر من عملك واقلل من أملك. وأكثر من ذكر الله والاستغفار.
18- وقال آخر: العقلاء ثلاثة من ترك الدنيا قبل أن تتركه وبنى قبره قبل أن يسكنه، وأرضى خالقه قبل أن يلقاه واستعد للموت قبل أن يصله. وأكثر من ذكر الله وحمده وشكره.
19- وقال لقمان لابنه يا بني إنك استدبرت الدنيا من يوم نزلتها واستقبلت الآخرة فأنت إلى دار تقرب منها أقرب من دار تباعدت منها.
20- وقال آخر: الدنيا جيفة فمن أراد منها شيئًا فليصبر على معاشرة الكلاب ونحوها.
وقال الشافعي:
وَمَا هي إلا جيفَةٌ مُسْتَحِيلَةٌ ... عَليها كِلابٌ هَمُّهنَّ إِجِتِذابُها
آخر:
أيها المُغْتَرُ بِالدُّنْيَا كَم خَدعَتْ ... مَا وَاصَل وَصْلِها مُحبٌّ إِلا قطَّّعت
يَا مُحِبَّ الدُّنْيَا الغَرُوْر اغْتِرارًا ... رَاكِبًا في طِلابِهَا الأَخْطَارَا
يَبْتغي وَصْلَهَا فَتَأبَى عَلِيهِ ... وَترى أُنْسَهُ فَتُبْدِي نِفَارَا
خَابَ مَنْ يَبْتَغِي الوصَالَ لَدَيهَا ... جَارَةٌ لَمْ تَزَلْ تُسِيء الجِوَارَا
كَم مُحِب أَرَتْهُ أُنْسًا فَلَّمَا ... حَاوَلَ الزَّوْر صَيَّرَتْهُ ازْوِرَارَا
شِيْبَ حُلْوُ اللَّذَاتِ مِنْهَا بِمُرِّ ...