فَأَصْبَحَ مِنْ بَعْدِ التَّنَعُّمِ فِي ثَرَى ... تَوَارَي عِظَامًا مِنْهُ بَهْمَاءُ بَلْقَعُ
بَعِيْدًا عَلَى قَرْبِ الْمَزَارِ إِيَابُهُ ... فلَيْسَ لَهُ حَتَّى القِيَامَةَ مَرْجَعُ
غَرِيْبًا مِنْ الأَحْبَابِ وَالأَهْلِ ثَاوِيًا ... بِأَقْصَى فَلاَةٍ خَرْقُهُ لَيْسَ يَرْقَعُ
تُلِحُّ عَلَيْهِ السَّافِيَاتُ بِمَنْزِلٍ ... جَدِيْبٍ وَقدْ كَانَتْ بِهِ الأَرْضُ تَمْرِعُ
رَهِيْنَا بِهِ لاَ يَمْلِكُ الدَّهْرَ رَجْعَةً ... وَلا يَسْتَطِيْعَنَّ الْكَلاَمَ فَيُسْمَعُ
تَوَسَّدَ فِيْهِ التُّرْب مِنْ بَعْد مَا اغْتِدى ... زَمَانًا عَلَى فُرُشٍ من الْخِز يُرْفَعُ
كَذَلِكَ حُكْمُ اللهِ فِي الْخَلْقِ لَنْ تَرَى ... مِنَ النَّاسِ حَيًّا شَمْلهُ لَيْسَ يُصْدَعُ
آخر: هذه قصيدة وعظية ألق لها سمعك:
أنِسْتُ بِلاَواءِ الزَّمَانِ وَذِلِّهِ ... فَيَا عِزَّةَ الدُّنْيَا عَلَيْكَ سَلامُ
إِلَى كَمْ أَعَانِي تِيْهَهَا وَدَلالَهَا ... أَلَمْ يَأَنْ عَنْهَا سَلْوةُ وَسَآمُ
وَقَد أَخْلَقَ الأَيَّامَ جِلْبَابِ حُسْنِهَا ... وَأُضْحَتْ وَدِيبَاجُ البَهَاءِ مَسَامُ
عَلَى حِيْنَ شَيْبُ قَدْ أَلَمَّ بَمَفْرِقِي ... وَعَادَ رُهَامُ الشَّعْرِ وَهْوَ ثَغَامُ
طَلائِعُ ضَعْفٍ قَدْ أَغَارَتْ عَلَى القُوى ... وَثَارَ بِمْيَدَانِ الْمِزَاجِ قِتَامُ
فَلاَ هِيَ فِِي بُرْجِ الْجَمَالِ مُقِيْمَةٌ ... وَلاَ أَنَا فِي عَهْدِ الْمُجُونَ مُدَامُ
تَقَطَّعَتْ الأَسْبَابُ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ... وَلَمْ يَبْقَ فِيْنَا نِسْبَةٌ وَلِئآمُ
وَعَادَتْ قَلُوصُ العَزْمِ عَنِّي كَلِيْلَةً ... وَقَدْ جُبَّ مِنْهَا غَارِبٌ وَسَنَامُ
كَأَنِّي بِهَا وَالقَلْبُ زُمَّتْ رِكَابُه ... وَقُوِّضَ أَبْيَاتٌ لَهُ وَخِيَامُ
وَسِيْقَتْ إِلَى دَارِ الْخُمُولِ حُمُولُهُ ... يَحُنُّ إِلَيْهَا وَالدُّمُوعُ رُهَامُ
حَنِيْنَ عَجُولٍ غَرَّهَا البَوُّ فانْثَنَتْ ... إِلَيْهِ وَفِيْهَا أَنَّه وَضُغَامُ
تَوَلَّتْ ليَالِ لِلمَسَرَّاتِ وَانْقَضَتْ ... لِكُلِ زَمَانٍ غَايَةٌ وَتَمَامُ