وأن ينظر فيه نظرة نافذة متوازنة، وأن يملك حاسة نقدية عادلة، وذلك بأن يعرض كلامه على الحق الأصيل المتمثل فى الكتاب والسنّة. وأن يزنه بميزانه ويقيسه بمقياسه، وأن يعرفه من خلاله، ويحكم عليه على هديه، فما وافق ذلك الحق قبله ورضيه وأخذ به ودعا لصاحبه، وما خالف ذلك الحق رفضه وألقاه، مع التقدير والاحترام والدعاء لصاحبه أيضا، وهذه النظرة تمثل الاتزان الإسلامى، والوسطية الإسلامية، والعدالة فى الأخذ والرد والسلب والإيجاب .. لأن أخذ كل ما صدر عن العالم بدون نظر أو تمحيص ظلم وجهل .. ورفض كل ما صدر عنه لخطأ غير مقصود وتجريحه واتهامه وتجهيله، ظلم وجهل كذلك، والقارئ البصير يتجرد عن الأمرين وينزه نفسه عنهما ..

كما أنه لا يقبل من قارئ أن يردد قولا ليس عليه دليل من القرآن أو السنّة، ويتبناه لأنه قال به أحد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم. كأن يقول: هذا قول ابن مسعود رضى الله عنه، أو قول ابن عمر أو ابن عمرو رضى الله عنهم، أو قول ابن عباس رضى الله عنهما .. فقد تصح نسبة هذا القول إلى الصحابى أولا، وإذا صحت نسبته له فهل الصحابة معصومون؟

كلا. إنهم قد يخطئون وهم صحابة، وتبقى منزلتهم سامية. إن فهم الصحابة للقرآن تحكمه كذلك نصوص القرآن، فلا نقبل منهم ما تعارض مع القرآن- إن وجد- ولا نأخذ عنهم فى تفصيل ما أجمله القرآن وتبيين ما أبهمه، من أنباء الغيب وقصص السابقين، ما لم يصح عندنا أنه أخذ فى هذا عن المعصوم عليه الصلاة والسلام .. فكل أحد يؤخذ من كلامه ويرد إلّا رسول الله عليه الصلاة والسلام، ونحن يجب علينا أن نعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال، وفهمهم تابع للنص محكوم به، وليس مقيدا له حاكما عليه ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015