للناس .. لكنه لا يجوز أن يكتفى بتسجيل هذه المظاهر، وملاحظة هذه الظواهر .. بل لا بد أن يتبعها بخطوة أخرى «يعلل» فيها هذه الظواهر ويفسرها ويتفحصها، ويبين الحكم منها والأسرار التى فيها، والعبر والدلالات التى تؤخذ منها ..
وفى هذا الموضوع نقول: لقد لاحظ السابقون كثيرا من الظواهر فى أسلوب القرآن، فوقفوا عليها وسجلوها وقدموها للناس فأفادوهم فائدة عظمى، جزاهم الله خيرا .. لكن مما يلاحظ عليهم أنهم غالبا لم يقفوا أمام هذه الظواهر وقفة طويلة متأنية فاحصة متدبرة، ولم يحاولوا أن يعللوها وأن يفسروها، وأن يسجلوا الحكم فيها، وأن يبينوا الأسرار التى فيها، وأن يتحدثوا عن نكاتها ولطائفها .. ونحن بدورنا يجب أن نبنى على ما ذكروه، وأن نستكمل ما تركوه، وصدق من قال: «كم ترك الأول للآخر؟؟» ..
وحتى ننجح فى استخلاص ذلك من المصطلحات القرآنية لا بد أن نتتبعها فى أساليب القرآن، ثم نجمعها ونلاحظ الظاهرة التى توحى بها، ثم نعللها ونفسرها ونحاول إدراك الحكمة منها، وذلك بأن نسأل باستمرار «لماذا» لماذا وردت هكذا؟ وما هى الحكمة التى قد تبدو لنا؟ وما هو السر الذى قد نكشف عنه؟ وما هى الدلالة التى تؤخذ منها؟ ..
فمصطلح «الكفر» على سبيل المثال كثر استعماله فى القرآن الكريم فى عشرات المواضع، ولكن يلاحظ أنه استعمل عدة اشتقاقات للكلمة: من الفعل والمصدر واسم الفاعل والصفة المشبهة .. استعمله كفعل ماض مجرد، وماض مسند إلى تاء المتكلم وتاء المخاطب وتاء التأنيث والمخاطبين والمتكلمين والغائبين .. واستعمله فى حالة المضارعية.
مضارع مسند إلى مفرد متكلم، وإلى مخاطب مفرد، ومخاطبين جماعة.
ومسند إلى المتكلمين، وإلى الغائب والغائبين. وفعل أمر للمفرد وللجمع،