وَشَرْطُ وُجُوبِهِ: الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ.
وَهِيَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ، وَلَهَا شُرُوطٌ أَحَدُهَا: وُجُودُ الزَّادِ وَأَوْعِيَتِهِ وَمُؤْنَةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ لَمْ تُشْتَرَطْ نَفَقَةُ الْإِيَابِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَمَالِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ أَيْضًا إذَا تَقَدَّمَ الطَّوَافُ أَوْ الْحَلْقُ وَأَعَادَهُ بَعْدَ إعَادَةِ الْوُقُوفِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَتُهُ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ كَمَّلَ مَنْ ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ كَانَ كَكَمَالِهِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ: أَيْ وَأَتَى بِمَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَمَّلَ بَعْدَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ أَنَّهُ يَكْفِي كَمَا لَوْ أَعَادَ الْوُقُوفَ بَعْدَ الْكَمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَالطَّوَافُ فِي الْعُمْرَةِ كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ اهـ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ عَوْدُهُ بَعْدَ الطَّوَافِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ ثَانِيًا كَالسَّعْيِ، وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مُصَرَّحًا بِهَا اهـ.
وَهُوَ حَسَنٌ، وَوُقُوعُ الْكَمَالِ فِي أَثْنَاءِ الْعُمْرَةِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَيْضًا، وَالطَّوَافُ فِيهَا كَالْوُقُوفِ فِي الْحَجِّ، وَلَا دَمَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِإِتْيَانِهِ بِالْإِحْرَامِ بَعْدَ الْكَمَالِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ كَامِلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلَا إسَاءَةَ عَلَيْهِ، وَحَيْثُ أَجْزَأَ مَنْ ذَكَرَ مَا أَتَى بِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ وَقَعَ إحْرَامُهُ أَوَّلًا تَطَوُّعًا وَانْقَلَبَ بَعْدَ الْكَمَالِ فَرْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ وَالْمَجْنُونِ إذَا حَجَّ عَنْهُ وَلِيُّهُ ثُمَّ أَفَاقَ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ مَا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْإِفَاقَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ.
(وَشَرْطُ) أَيْ وَشُرُوطُ (وُجُوبِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْإِسْلَامُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالِاسْتِطَاعَةُ) بِالْإِجْمَاعِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] [آلَ عِمْرَانَ] فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبُ مُطَالَبَةٍ بِهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهَا، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ النُّسُكَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ، وَلَا عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا، وَلَا عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَ مَرَاتِبَ: الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ، وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ النَّذْرِ، وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَالْوُجُوبُ، فَيُشْتَرَطُ مَعَ الْوَقْتِ الْإِسْلَامُ وَحْدَهُ لِلصِّحَّةِ، وَمَعَ التَّمْيِيزِ لِلْمُبَاشَرَةِ، وَمَعَ التَّكْلِيفِ لِلنَّذْرِ، وَمَعَ الْحُرِّيَّةِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتِهِ، وَمَعَ الِاسْتِطَاعَةِ لِلْوُجُوبِ.
(وَهِيَ) أَيْ الِاسْتِطَاعَةُ (نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: اسْتِطَاعَةُ مُبَاشَرَةٍ) لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِنَفْسِهِ (وَلَهَا شُرُوطٌ) سَبْعَةٌ، وَغَالِبُهَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ، وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَّهَا أَرْبَعَةً، فَقَالَ: (أَحَدُهَا: وُجُودُ الزَّادِ) الَّذِي يَكْفِيهِ (وَأَوْعِيَتِهِ) حَتَّى السُّفْرَةِ (وَمُؤْنَةِ) أَيْ كُلْفَةِ (ذَهَابِهِ) لِمَكَّةَ (وَإِيَابِهِ) أَيْ رُجُوعِهِ مِنْهَا إلَى بَلَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ (وَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ (أَهْلٌ) مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ كَالزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ (وَعَشِيرَةٌ) أَيْ أَقَارِبُ وَلَوْ كَانُوا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ - أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (لَمْ تُشْتَرَطْ) فِي حَقِّهِ (نَفَقَةُ الْإِيَابِ) لِأَنَّ الْبِلَادَ كُلَّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ سَوَاءٌ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ أَيْضًا فِي الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ.