وَشَرْطُ صِحَّتِهِ: الْإِسْلَامُ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: نَعَمْ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ جَابِرٍ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: لَا وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك» فَضَعِيفٌ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ، وَلَا يُغْتَرُّ بِقَوْلِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّهُ بَاطِلٌ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى السَّائِلِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ: أَنْ تَعْتَمِرَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. وَالْعُمْرَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ، لُغَةً: الزِّيَارَةُ، وَقِيلَ الْقَصْدُ إلَى مَكَان عَامِرٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عُمْرَةً، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمْرِ كُلِّهِ، وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ، وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْحَجُّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا، وَيُفَارِقُ الْغُسْلَ حَيْثُ يُغْنِي عَنْ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْغُسْلَ أَصْلٌ فَأَغْنَى عَنْ بَدَلِهِ، وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ أَصْلَانِ.

فَائِدَةٌ: النُّسُكُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ، وَهُوَ عَلَى مَنْ لَمْ يَحُجَّ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ. وَإِمَّا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَهُوَ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَإِمَّا تَطَوُّعٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ، إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكِنْ لَوْ تَطَوَّعَ مِنْهُمْ مَنْ يَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْمُخَاطَبِينَ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قِيَاسًا عَلَى الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. وَيُسَنُّ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ ذَلِكَ عَنْ سَنَةِ الْإِمْكَانِ مُبَادَرَةً إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَمُسَارَعَةً إلَى الطَّاعَاتِ. قَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] [الْبَقَرَةَ] وَإِنْ أَخَّرَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَفَعَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ لَمْ يَأْثَمْ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَّرَهُ إلَى السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ بِلَا مَانِعٍ، وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ، لَكِنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ خَوْفِ عَضْبٍ، فَلَوْ خَشِيَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ الْعَضْبَ حَرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ إلَى وَقْتِ فِعْلِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَمِثْلُهُ مَنْ خَشِيَ هَلَاكَ مَالِهِ.

(وَشَرْطُ صِحَّتِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْإِسْلَامُ) فَقَطْ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ، وَلَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ نُسُكِهِ بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ، وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي نَفْيِ اشْتِرَاطِ مَا عَدَا الْإِسْلَامَ، وَلِذَلِكَ قَيَّدْتُهُ بِفَقَطْ مَعَ أَنَّ الْمُحَرَّرَ قَدْ صَرَّحَ بِهِ، فَقَالَ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجِّ لِلشَّخْصِ إلَّا الْإِسْلَامُ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَيْضًا الْوَقْتُ وَالنِّيَّةُ مَمْنُوعٌ فِي النِّيَّةِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ مِنْ الْأَرْكَانِ.

وَأَمَّا الْوَقْتُ أَيْ اتِّسَاعُهُ فَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ مَا ذُكِرَ تَكْلِيفٌ (فَلِلْوَلِيِّ) فِي الْمَالِ وَلَوْ وَصِيًّا وَقَيِّمًا بِنَفْسِهِ وَبِمَأْذُونِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْوَلِيُّ نُسُكَهُ أَوْ أَحْرَمَ بِهِ (أَنْ يُحْرِمَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ) لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَرَفَعَتْ امْرَأَةٌ إلَيْهِ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015