كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَدَبَّرَهُ نُقِضَ وَبِيعَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ نُزِعَ مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ، وَصُرِفَ كَسْبُهُ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ.
وَلَهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ، وَالتَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ.
فَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعُدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ كَأَبْطَلْته فَسَخْتُهُ نَقَضْتُهُ رَجَعْتُ فِيهِ صَحَّ إنْ قُلْنَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ) مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ صُوَرِ مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ (فَدَبَّرَهُ) (نُقِضَ) أَيْ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ (وَبِيعَ عَلَيْهِ) لِمَا فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِذْلَالِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: نُقِضَ وَبِيعَ عَلَيْهِ فِي تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَمَعْنَاهُ بِيعَ عَلَيْهِ وَنُقِضَ تَدْبِيرُهُ بِالْبَيْعِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَقَوْلُهُ نُقِضَ هَلْ مَعْنَاهُ إبْطَالُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ إبْطَالِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ مَعْنَاهُ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
وَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ تَدْبِيرِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ بِهِ.
(وَلَوْ) (دَبَّرَ كَافِرٌ) عَبْدًا (كَافِرًا فَأَسْلَمَ) الْعَبْدُ (وَلَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ فِي التَّدْبِيرِ) بِالْقَوْلِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الْآتِي (نُزِعَ) الْعَبْدُ (مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ) وَجُعِلَ عِنْدَ عَدْلٍ دَفْعًا لِلذُّلِّ عَنْهُ وَلَا يُبَاعُ بَلْ يَبْقَى مُدَبَّرًا لِتَوَقُّعِ الْحُرِّيَّةِ (وَصُرِفَ كَسْبُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (إلَيْهِ) أَيْ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ مُسْتَوْلَدَتُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُبَاعُ) عَلَيْهِ وَيُنْقَضُ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يَبْقَى فِي يَدِ الْكَافِرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ لَحِقَ سَيِّدُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ أُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ وَبُعِثَ بِالْفَاضِلِ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُ الْكَافِرِ لَمْ يُبَعْ، فَإِنْ عَجَزَ بِيعَ (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (بَيْعُ الْمُدَبَّرِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَيُسْتَثْنَى السَّفِيهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ بَيْعُهُ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ أَرَادَ الْوَلِيُّ بَيْعَهُ لِأَجْلِ إبْطَالِ التَّدْبِيرِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، كَمَا لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ بِالْقَوْلِ جَزْمًا (وَالتَّدْبِيرُ) مُقَيَّدًا كَانَ أَوْ مُطْلَقًا (تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ، هَذَا مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَرْجِيحِ الْأَكْثَرِينَ (وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ) لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ نَظَرًا إلَى اعْتِبَارِ إعْتَاقِهِ مِنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ وَالرَّبِيعُ، وَكَذَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ فِي الْأُمِّ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ فَوْقَ الثَّلَاثِينَ نَصًّا، ثُمَّ بَسَطَ ذَلِكَ.
(فَلَوْ) (بَاعَهُ) أَيْ السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ (ثُمَّ مَلَكَهُ) (لَمْ يَعُدْ التَّدْبِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى مِلْكِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي عَوْدِ الْحِنْثِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ، وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَوْدِ الْحِنْثِ (وَلَوْ) (رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ ك أَبْطَلْته) أَوْ (فَسَخْتُهُ) أَوْ (نَقَضْتُهُ) أَوْ (رَجَعْتُ فِيهِ) (صَحَّ إنْ قُلْنَا) بِالرُّجُوعِ وَهُوَ أَنَّ التَّدْبِيرَ (وَصِيَّةٌ) كَمَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ (وَإِلَّا) بِأَنْ قُلْنَا هُوَ تَعْلِيقُ