وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ، وَكَذَا مُمَيِّزٌ فِي الْأَظْهَرِ، وَيَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ، وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ، وَلَوْ دَبَّرَ ثُمَّ ارْتَدَّ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ، وَلِحَرْبِيٍّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ إلَى دَارِهِمْ.
وَلَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقَّ الْعِتْقِ كَاسْتِخْدَامٍ أَوْ إجَارَةٍ، وَفِي كَسْبِهِ بَيْنَ مَوْتِ الشَّرِيكَيْنِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لِلْوَارِثِ خَاصَّةً، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ فَاكْتَسَبَ مَالًا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِعْتَاقِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِتْقَ مُسْتَحَقٌّ حَالَةَ الِاكْتِسَابِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ بِخِلَافِهِ هُنَا، ثُمَّ عِتْقُهُ بِمَوْتِهِمَا مَعًا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لَا عِتْقٌ بِتَدْبِيرٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ يُعَلِّقُهُ بِمَوْتِهِ، بَلْ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ، وَفِي مَوْتِهِمَا مُرَتَّبًا يَصِيرُ نَصِيبُ الْمُتَأَخِّرِ مَوْتًا مُدَبَّرًا دُونَ نَصِيبِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ (وَ) حِينَئِذٍ (لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ مَجْنُونٍ) أَطْبَقَ جُنُونُهُ (وَ) لَا تَدْبِيرُ (صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلتَّبَرُّعِ. أَمَّا إذَا تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَدَبَّرَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ يَصِحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ جُنِنْتَ فَجُنَّ هَلْ يَعْتِقُ؟ . قَالَ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ حَصَلَ فِي الصِّحَّةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ لِلْجُنُونِ كَالْمُبْتَدَأِ فِيهِ اهـ.
وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ (وَكَذَا مُمَيِّزٍ) لَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ (فِي الْأَظْهَرِ) كَإِعْتَاقِهِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ إذْ لَا تَضْيِيعَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّدْبِيرِ إطْلَاقُ التَّصَرُّفِ (وَ) حِينَئِذٍ (يَصِحُّ مِنْ سَفِيهٍ) وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَلِوَلِيِّهِ الرُّجُوعُ فِي تَدْبِيرِهِ بِالْبَيْعِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَمِنْ مُفْلِسٍ وَلَوْ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَمِنْ مُبَعَّضٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا إسْلَامٌ (وَ) حِينَئِذٍ يَصِحُّ مِنْ (كَافِرٍ أَصْلِيٍّ) وَلَوْ حَرْبِيًّا كَمَا يَصِحُّ اسْتِيلَادُهُ وَتَعْلِيقُهُ الْعِتْقَ عَلَى صِفَةٍ، وَمِنْ سَكْرَانَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَلَّفِ حُكْمًا (وَتَدْبِيرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) فَعَلَى الْأَظْهَرِ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ صِحَّتُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ فَقَدْ سَبَقَتْ فِي بَابِ الرِّدَّةِ.
(وَلَوْ) (دَبَّرَ ثُمَّ ارْتَدَّ لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) صِيَانَةً لِحَقِّ الْعَبْدِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَلِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْعُقُودِ الْمُسْتَقْبَلَةِ دُونَ الْمَاضِيَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُفْسِدُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ السَّابِقَيْنِ عَلَيْهَا، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، وَالثَّالِثُ الْبِنَاءُ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ (وَلَوْ ارْتَدَّ) الْعَبْدُ (الْمُدَبَّرُ) أَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَرْبِ (لَمْ يَبْطُلْ) تَدْبِيرُهُ وَإِنْ صَارَ دَمُهُ يُهْدَرُ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِيهِ، كَمَا لَا يَبْطُلُ الِاسْتِيلَادُ وَالْكِتَابَةُ بِهَا. ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهِ عَتَقَ، وَلَوْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ فَهُوَ عَلَى تَدْبِيرِهِ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَيًّا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ فَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ مَيِّتًا، فَفِي جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ عَتِيقِهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي مَحِلِّهِ، وَلَوْ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى مُدَبَّرٍ مُسْلِمٍ، ثُمَّ عَادَ إلَى يَدِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُدَبَّرٌ كَمَا كَانَ (وَلِحَرْبِيٍّ) دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ (حَمْلُ مُدَبَّرِهِ) الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ مِنْ دَارِنَا (إلَى دَارِهِمْ) وَلَوْ جَرَى التَّدْبِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُدَبَّرُ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ بَاقِيَةٌ فِيهِ، وَيَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ مَا أَثْبَتَهُ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: حُكْمُ مُسْتَوْلَدَةِ الْحَرْبِيِّ كَمُدَبَّرِهِ فِيمَا مَرَّ، بِخِلَافِ مُكَاتَبِهِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْخَارِجِ عَنْهُ، وَبِخِلَافِ مُدَبَّرِهِ الْمُرْتَدِّ لِبَقَاءِ عُلْقَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا يُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ شِرَائِهِ.
(وَلَوْ)