فَإِنْ تَعَيَّنَ لَزِمَهُ طَلَبُهُ.

وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ، وَكَانَ يَتَوَلَّاهُ فَلِلْمَفْضُولِ الْقَبُولُ، وَقِيلَ: لَا، وَيُكْرَهُ طَلَبُهُ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكْفِ وَاحِدٌ، وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ اسْتِحْبَابُ نَصْبِ الْقُضَاةِ فِي الْبُلْدَانِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، فَعَلَى الْمَشْهُورِ إذَا قَامَ بِالْفَرْضِ مَنْ يَصْلُحُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ امْتَنَعُوا أَثِمُوا وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ أَحَدَ الصَّالِحِينَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَخَرَجَ بِقَبُولِ التَّوْلِيَةَ إيقَاعُهَا لِلْقَاضِي مِنْ الْإِمَامِ فَإِنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ وِلَايَتِهِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفَ حَتَّى يُسْأَلَ لِأَنَّهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْمُسْتَرْعَاةِ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ السِّيَرِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ فِي كُلِّ مَسَافَةِ عَدْوَى قَاضِيًا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ مَسَافَةِ قَصْرٍ مُفْتِيًا، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَمَّا إيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، وَإِنْ تَرَافَعَا إلَى النَّائِبِ فَإِيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ فِيهِ تَعْطِيلٌ وَتَطْوِيلُ نِزَاعٍ.

(فَإِنْ) (تَعَيَّنَ) لِلْقَضَاءِ وَاحِدٌ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ (لَزِمَهُ طَلَبُهُ) إنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلَا يُعْذَرُ لِخَوْفِ مَيْلٍ مِنْهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيُقْبَلَ وَيُحْتَرَزَ مِنْ الْمَيْلِ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ وُجُوبِ الطَّلَبِ إذَا ظَنَّ الْإِجَابَةَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُهَا لِمَا عَلِمَ مِنْ فَسَادِ الزَّمَانِ وَأَئِمَّتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، فَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ، فَإِنْ امْتَنَعَ عَصَى، وَلِلْإِمَامِ إجْبَارُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُضْطَرُّونَ إلَى عِلْمِهِ وَنَظَرِهِ فَأَشْبَهَ صَاحِبَ الطَّعَامِ إذَا مَنَعَهُ الْمُضْطَرُّ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ بِامْتِنَاعِهِ حِينَئِذٍ يَصِيرُ فَاسِقًا، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ أَوَّلًا، فَإِذَا تَابَ أُجْبِرَ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ غَالِبًا إلَّا مُتَأَوِّلًا لِلتَّحْذِيرَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَابِ وَاسْتِشْعَارِهِ مِنْ نَفْسِهِ الْعَجْزَ، وَعَدَمِ اعْتِمَادِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ. وَكَيْفَ يَفْسُقُ مَنْ امْتَنَعَ مُتَأَوِّلًا تَأْوِيلًا سَائِغًا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، وَأَنَّ الْمُنْجِيَ لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ عَدَمُ التَّلَبُّسِ بِهَذَا الْأَمْرِ، وَقَدْ يَرَى هُوَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إلَّا بِاعْتِرَافِهِ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ فِسْقِهِ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ خَوْفًا عَلَى دِينِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْبَاطِنَةِ الْخَفِيَّةِ عَلَيْنَا، بَلْ وَلَا يُعْصِي بِذَلِكَ أَيْضًا لِمَا ذُكِرَ، وَلَوْ خَلَا الزَّمَانُ عَنْ إمَامٍ رَجَعَ النَّاسُ إلَى الْعُلَمَاءِ، فَإِنْ كَثُرَ عُلَمَاءُ النَّاحِيَةِ فَالْمُتَّبَعُ أَعْلَمُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا وَتَنَازَعُوا أُقْرِعَ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْقَضَاءِ وَاحِدٌ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ مَعَهُ نَظَرْت (فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ) لِتَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ مِنْهُ (وَكَانَ) الْأَصْلَحُ (يَتَوَلَّاهُ) أَيْ يَرْضَى بِتَوْلِيَتِهِ (فَلِلْمَفْضُولِ) الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ الْقَضَاءِ وَهُوَ غَيْرُ الْأَصْلَحِ (الْقَبُولُ) لِلتَّوْلِيَةِ إذَا بَذَلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فِي الْأَصَحِّ (وَقِيلَ: لَا) يَجُوزُ لَهُ قَبُولُهَا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (يُكْرَهُ طَلَبُهُ) لِوُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ (وَقِيلَ: يَحْرُمُ) وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ النَّصْبُ جَائِزًا، فَكَيْفَ يَحْرُمُ طَلَبُ الْجَائِزِ؟ ، وَنَظِيرُ هَذَا سُؤَالُ الصَّدَقَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ إعْطَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، إذْ الْإِعْطَاءُ بِاخْتِيَارِ الْمُعْطِي فَالسُّؤَالُ كَالْعَدَمِ، وَعَلَى الثَّانِي يَحْرُمُ طَلَبُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015