وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ يَوْمٌ.
أَوْ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ، فَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ نَهَارًا وَهُوَ مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ يَوْمٌ آخَرُ عَنْ هَذَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْبَحَ صَائِمًا عَنْ تَطَوُّعٍ (وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ لَمْ يَنْعَقِدْ) نَذْرُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ (وَقِيلَ) يَنْعَقِدُ وَ (يَلْزَمُهُ يَوْمٌ) ؛ لِأَنَّ صَوْمَ بَعْضِ الْيَوْمِ لَيْسَ مَعْهُودًا شَرْعًا فَلَزِمَهُ يَوْمٌ كَامِلٌ.
تَنْبِيهٌ: يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ نَذَرَ بَعْضَ رَكْعَةٍ، وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ نُسُكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَى مَا لَوْ أَحْرَمَ بِبَعْضِ نُسُكٍ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِهِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ نُسُكًا كَالطَّلَاقِ، وَإِنْ نَذَرَ بَعْضَ طَوَافٍ فَيَنْبَغِي بِنَاؤُهُ، هَلْ يَصِحُّ التَّطَوُّعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ؟ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً وَلَمْ يُضِفْ إلَيْهَا أُخْرَى، وَإِنْ نَذَرَ سَجْدَةً لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْبَةً بِلَا سَبَبٍ، بِخِلَافِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَلَوْ نَذَرَ الْحَجَّ فِي عَامِهِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ لِضِيقِ الْوَقْتِ كَأَنْ كَانَ عَلَى مِائَةِ فَرْسَخٍ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِمَا الْتَزَمَهُ.
(أَوْ) نَذَرَ أَنْ يَصُومَ (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) (فَالْأَظْهَرُ انْعِقَادُهُ) لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ بِهِ. وَالثَّانِي: لَا، لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَعْلَمُ قُدُومَهُ غَدًا فَيَنْوِي صَوْمَهُ لَيْلًا (فَإِنْ قَدِمَ) زَيْدٌ (لَيْلًا أَوْ يَوْمَ عِيدٍ) أَوْ تَشْرِيقٍ (أَوْ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ قُيِّدَ بِالْيَوْمِ وَلَمْ يُوجَدْ الْقُدُومُ فِي مَحَلٍّ يَقْبَلُ الصَّوْمَ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ فَقَدِمَ زَيْدٌ لَيْلًا اُسْتُحِبَّ لِلنَّاذِرِ أَنْ يَصُومَ صَبِيحَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِأَجْلِ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، أَوْ يَوْمًا آخَرَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ (أَوْ) قَدِمَ زَيْدٌ (نَهَارًا وَهُوَ) أَيْ النَّاذِرُ (مُفْطِرٌ أَوْ صَائِمٌ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا وَجَبَ) فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ (يَوْمٌ آخَرَ) قَضَاءً (عَنْ هَذَا) الْمَنْذُورِ وَهُوَ صَوْمُ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ وَفَاتِهِ، وَيُسَنُّ قَضَاءُ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ صَامَ يَوْمًا مُسْتَحَقَّ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ صَامَهُ عَنْ نَذْرٍ آخَرَ أَوْ قَضَاءٍ يَنْعَقِدُ أَيْ مَعَ الْإِثْمِ وَيَقْضِي نَذْرَ هَذَا الْيَوْمِ.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي قَوْلِهِ مُفْطِرٌ إفْطَارُهُ بِتَنَاوُلِهِ مُفْطِرًا، أَوْ بِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ. نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِجُنُونٍ طَرَأَ عَلَيْهِ فَلَا قَضَاءَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْقَضَاءَ هَلْ يَتَبَيَّنُ وُجُوبُ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ الْقُدُومِ وَأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ مِنْ وَقْتِ الْقُدُومِ وَلَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهُ إلَّا بِيَوْمٍ كَامِلٍ؟ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي صُوَرٍ: مِنْهَا مَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ فَقَدِمَ نَهَارًا، لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ وَإِنْ اقْتَضَى مَا ذُكِرَ لُزُومُ يَوْمٍ وَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِقُدُومِهِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ، فَإِنْ سَبَقَ فِيهِ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي الْأَوَّلِ وَمَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِي الْأَوَّلِ لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ، وَلَا إرْثَ فِي الثَّانِيَةِ