وَمَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إتْمَامَهُ لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِي فَقَالَ: خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إلَى اللَّيْلِ» وَخَالَفَ ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِهِ وَفِي مَجْمُوعِهِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ فَقَالَ: سُمِّيَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، لِأَنَّهُ ثَانِي الْأَيَّامِ، وَالْخَمِيسِ، لِأَنَّهُ خَامِسُ الْأُسْبُوعِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَوَّلَهُ الْأَحَدُ فَيَكُونُ آخِرُهُ السَّبْتَ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَكِنَّهُ حَدِيثٌ تَكَلَّمَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْحُفَّاظِ وَجَعَلُوهُ مِنْ كَلَامِ كَعْبٍ، وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ إنَّمَا سَمِعَهُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ فَجَعَلَهُ مَرْفُوعًا، وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالتَّوَارِيخِ مِنْ أَنَّ بَدْءَ الْخَلْقِ إنَّمَا هُوَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ لَا فِي السَّبْتِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «خَلَقَ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ» وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ الْخِلَافَ: وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ حَتَّى يَصُومَ الْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْأُسْبُوعِ لِقَوْلِ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ لَيَالِي الْعَشْرِ لِأَجْلِ الْإِبْهَامِ، وَلَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ يُصَلِّيهَا فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ.
تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ نَذْرَ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا يَنْعَقِدُ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي <m s=1 > عَلَى قَوْلِ صِحَّةِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ. وَأَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ نَذْرَ الْمَكْرُوهِ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ فَلَا يَأْتِي إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّهُ كَانَ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ وَصَامَ أَحَدَهُمَا وَنَسِيَ الْآخَرَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا كَرَاهَةَ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ أُسْبُوعٍ وَنَسِيَهُ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ رُبَّمَا يَتَعَيَّنُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ إلَّا قَلِيلُ الْفَهْمِ أَوْ مُعَانِدٌ.
(وَمَنْ) (شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ) أَوْ فِي صَلَاتِهِ، أَوْ طَوَافِهِ، أَوْ اعْتِكَافِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (فَنَذَرَ إتْمَامَهُ) (لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ النَّفَلَ عِبَادَةٌ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ. وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَكَّنَهُ مِنْ إبْطَالِهِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ كَمَا قَالَ الْمُتَوَلِّي فِي الِانْعِقَادِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي اللُّزُومِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ اللُّزُومِ فِي الصَّوْمِ إذَا نَوَى مِنْ اللَّيْلِ، فَإِنْ نَوَى مِنْ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَلُزُومِهِ الْوَفَاءُ بِهِ قَوْلَانِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ اللُّزُومَ وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لَنَا صَوْمٌ وَاجِبٌ يَصِحُّ بِنِيَّةِ النَّهَارِ إلَّا هَذَا. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: الْمَشْهُورُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ. وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ. قَالَ: وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ تُفْهِمُهُ لِقَوْلِهِ: مَنْ