وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْوَصَايَا، وَيُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ، وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ.
وَتُؤْخَذُ بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا فِي الْمِيزَانِ، وَيَقْبِضُ الْآخِذُ لِحْيَتَهُ، وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ، فَإِنْ قُيِّدَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ بِوَقْتٍ اُتُّبِعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّوَسُّطِ أَوْ الْفَقِيرِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ أَوْ عُهِدَ لَهُ مَالٌ، وَكَذَا مَنْ غَابَ وَأَسْلَمَ ثُمَّ حَضَرَ، وَقَالَ: أَسْلَمْتُ مِنْ وَقْتِ كَذَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ.
(وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ) أَوْ نَبَذَ الْعَهْدَ (أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِينَ) وَلَهُ وَارِثٌ مُسْتَغْرِقٌ (أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ) مِنْهُ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَفِي الثَّالِثَةِ (مِنْ تَرِكَتِهِ مُقَدَّمَةً عَلَى) حَقِّ الْوَرَثَةِ وَ (الْوَصَايَا) كَالْخَرَاجِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ. تَنْبِيهٌ: لَمْ يَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ إسْلَامِهِ كَمَا ذَكَرَتْهُ لِوُضُوحِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَخْلُفْ وَارِثًا فَتَرِكَتُهُ فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ التَّرِكَةِ، ثُمَّ رَدِّهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَا يَسْتَغْرِقُ، وَالْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ أُخِذَ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْجِزْيَةُ، وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ الْمَالِ (وَيُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ حَتَّى تَكُونَ كَالزَّكَاةِ فَيُوَفَّى الْجَمِيعُ إنْ وَفَّتْ التَّرِكَةُ، وَإِلَّا ضَارَبَ الْإِمَامُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْجِزْيَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي أَنَّهَا عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي اجْتِمَاعِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَقِّ الْآدَمِيِّ فَتُقَدَّمُ هِيَ فِي قَوْلٍ، وَدَيْنُ الْآدَمِيِّ فِي قَوْلٍ، وَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي قَوْلٍ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجِزْيَةَ غَلَبَ فِيهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا أُجْرَةٌ (أَوْ) أَسْلَمَ أَوْ نَبَذَ الْعَهْدَ أَوْ مَاتَ (فِي خِلَالِ سَنَةٍ فَقِسْطٌ) لِمَا مَضَى، كَالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالسُّكْنَى فَإِذَا سَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَجَبَ الْقِسْطُ (وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) ؛ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْحَوْلُ فَيَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ. تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ، لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ. اهـ.
وَحَمَلَ شَيْخِي النَّصَّ عَلَى مَا إذَا قُسِّمَ مَالُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، وَكَلَامُ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى خِلَافِهِ وَهُوَ حَمْلٌ حَسَنٌ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ شُهْبَةَ وَالْأُشْمُونِيُّ عَلَى عِبَارَةِ النَّصِّ وَقَالَا كَمَا حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ، قَالَ يَعْنِي الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَلَوْ جُنَّ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَتَمَّ وَهُوَ مَجْنُونٌ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُ بِالْقِسْطِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. .
ثُمَّ شَرَعَ فِي كَيْفِيَّةِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ بِقَوْلِهِ (وَتُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ (بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الْآخِذُ) بِالْمَدِّ: أَيْ الْمُسْلِمُ (وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا) أَيْ الْجِزْيَةَ (فِي) كِفَّةِ (الْمِيزَانِ وَيَقْبِضُ الْآخِذُ) مِنْهُ الْجِزْيَةَ (لِحْيَتَهُ وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَالزَّايِ، وَهُمَا مَجْمَعُ اللَّحْمِ بَيْنَ الْمَاضِغِ