بِالزِّيَارَةِ.
وَدَفْعُ ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ كَكِسْوَةِ عَارٍ، وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِزَكَاةٍ، وَبَيْتِ مَالٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالزِّيَارَةِ) مَرَّةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالزِّيَارَةِ كُلَّ سَنَةٍ أَنْ يَأْتِيَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلَا يَكْفِي إحْيَاؤُهَا بِالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ، وَإِنْ أَوْهَمَتْ عِبَارَتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ وَلَا بِالْعُمْرَةِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، إذْ لَا يَحْصُلَ مَقْصُودَ الْحَجِّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ الْحَجُّ فَكَانَ بِهِ إحْيَاؤُهَا، فَيَجِبُ الْإِتْيَانُ كُلَّ سَنَةٍ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَائِمِينَ بِهَذَا الْفَرْضِ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ: بَلْ الْفَرْضُ أَنْ يَحُجَّهَا كُلَّ سَنَةٍ بَعْضُ الْمُكَلَّفِينَ. قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيُتَّجَهُ اعْتِبَارُهُ مِنْ عَدَدٍ يَظْهَرُ بِهِمْ الشِّعَارُ. اهـ.
وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ؟ لِأَنَّ إحْيَاءَ الْكَعْبَةِ بِالْحَجِّ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، فَكُلُّ وَفْدٍ يَجِيئُونَ كُلَّ سَنَةٍ لِلْحَجِّ فَهُمْ يُحْيُونَ الْكَعْبَةَ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ حَصَلَ، بِمَا أَتَى بِهِ سُقُوطُ فَرْضِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ كِفَايَةٍ، فَلَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ التَّطَوُّعِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ: جِهَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ، وَجِهَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ، فَصَحَّ أَنْ يُقَالَ هُوَ تَطَوُّعٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ، وَأَنْ يُقَالَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مِنْ حَيْثُ الْإِحْيَاءُ، وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْيَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنُ الْعِبَادَةِ فَرْضًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ كَاللَّمْعَةِ الْمُغْفَلَةِ فِي الْوُضُوءِ تُغْسَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَإِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى، وَلِهَذَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ، وَلَوْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ وَالصَّبِيَّانِ وَالْمَجَانِين؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكَانَ جَوَابًا.
(وَ) مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (دَفْعُ ضَرَرِ) الْمَعْصُومِينَ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (الْمُسْلِمِينَ) وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمُوسِرِينَ (كَكِسْوَةِ عَارٍ) مِنْهُمْ (وَإِطْعَامِ جَائِعٍ) مِنْهُمْ (إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ) ضَرَرُهُمْ (بِزَكَاةٍ وَ) لَا (بَيْتِ مَالٍ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَغْلَبُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَإِلَّا فَفِي مَعْنَاهُمَا سَهْمُ الْمَصَالِحِ وَنَحْوِهِ كَوَقْفٍ عَامٍّ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَوَصِيَّةٍ صِيَانَةً لِلنُّفُوسِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِسْوَةِ سَتْرُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْبَدَنُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا شَكٍّ فَيَخْتَلِفُ الْحَالُ بَيْنَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَتَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ مُعْتَرَضٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا وُجُوبُ دَفْعِ الضَّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، لَكِنَّ الْأَصَحَّ مَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ الْمُوَاسَاةِ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُوَجِّهُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ بِمُوَاسَاةِ الْمُحْتَاجِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَلَا يُنَافِيه مَا فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ وُجُوبِ إطْعَامِ الْمُضْطَرِّ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُهُ فِي ثَانِي الْحَالِ، فَإِنَّ هَذَا فِي الْمُحْتَاجِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ وَذَاكَ فِي