وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرَّهُ وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً، فَإِنْ عَجَزَ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْوَالِي. فَإِنْ عَجَزَ أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَسْمُوعَ الْقَوْلِ، بَلْ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى، وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] وَلَا أَنْ يَكُونَ مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى نَفْسَهُ. فَإِنْ اخْتَلَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْقُطْ الْآخَرُ، وَلَا يَأْمُرُ وَلَا يُنْهَى فِي دَقَائِقِ الْأُمُورِ إلَّا عَالِمٌ، فَلَيْسَ لِلْعَوَامِّ ذَلِكَ، وَلَا يُنْكِرُ الْعَالِمُ إلَّا مُجْمَعًا عَلَى إنْكَارِهِ، لَا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَرَى الْفَاعِلَ تَحْرِيمَهُ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحَنَفِيّ يَحُدُّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ مَعَ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْفِعْلِ أَبْلَغُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ أَدِلَّةَ عَدَمِ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ وَاهِيَةٌ، وَبِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ حَدِّنَا الشَّارِبَ بِهِ وَعَدَمِ حَدِّنَا الْوَاطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَإِنْ نُدِبَ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَحَسَنٌ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلَافٍ آخَرَ أَوْ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ. وَلَيْسَ لِكُلٍّ مِنْ الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنْ الْمُنْكَرِ التَّجَسُّسُ وَالْبَحْثُ وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ: بَلْ إنْ رَأَى شَيْئًا غَيَّرَهُ، نَعَمْ إنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَنْ اخْتَفَى بِمُنْكَرٍ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ يَفُوتُ تَدَارُكُهَا كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ اقْتَحَمَ لَهُ الدَّارَ وَتَجَسَّسَ وُجُوبًا.

تَنْبِيهٌ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصَبَّ مُحْتَسِبًا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنْ كَانَا لَا يَخْتَصَّانِ بِالْمُحْتَسِبِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا، وَكَذَا بِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا سُنَّةٌ. فَإِنْ قِيلَ: قَالَ الْإِمَامُ: مُعْظَمُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْمُسْتَحَبِّ مُسْتَحَبٌّ، وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ.

أُجِيبَ بِأَنَّ مَحِلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ، وَلَا يُقَاسُ بِالْوَالِي غَيْرُهُ، وَلِهَذَا لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ بِصَوْمِهِ صَارَ وَاجِبًا، وَلَا يَأْمُرُ الْمُخَالِفِينَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ بِمَا لَا يُجَوِّزُونَهُ، وَلَا يَنْهَاهُمْ عَمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ أَوْ سُنَّةً لَهُمْ، وَيَأْمُرُ بِمَا يَعُمُّ نَفْعُهُ كَعِمَارَةِ سُوَرِ الْبَلَدِ وَشِرْبِهِ وَمَعُونَةِ الْمُحْتَاجِينَ، وَيَجِبُ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ مَالٌ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَيَنْهَى الْمُوسِرَ عَنْ مَطْلِ الْغَنِيِّ إنْ اسْتَعْدَاهُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ، وَيَنْهَى الرَّجُلَ عَنْ الْوُقُوفِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي طَرِيقٍ خَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ رِيبَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ مَعَهَا فِي طَرِيقٍ يَطْرُقَهُ النَّاسُ، وَيَأْمُرُ النِّسَاءَ بِإِيفَاءِ الْعِدَدِ، وَالْأَوْلِيَاءَ بِنِكَاحِ الْأَكْفَاءِ، وَالسَّادَةَ بِالرِّفْقِ بِالْمَمَالِيكِ، وَأَصْحَابَ الْبَهَائِمِ بِتَعَهُّدِهَا، وَأَنْ لَا يَسْتَعْمِلُوهَا فِيمَا لَا تُطِيقُ، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَالْوَعْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُشْهِرُ أَمْرَهُ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ، وَيُنْكِرُ عَلَى مَنْ أَسَرَّ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ أَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ وَعَكَسَهُمَا، وَلَا يُنْكِرُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قَبْلَ الِاسْتِعْدَاءِ مِنْ ذِي الْحَقِّ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْبِسُ وَلَا يَضْرِبُ لِلدَّيْنِ، وَيُنْكِرُ عَلَى الْقُضَاةِ إنْ احْتَجَبُوا عَنْ الْخُصُومِ أَوْ قَصَّرُوا فِي النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ وَعَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الْمَطْرُوقَةِ إنْ طَوَّلُوا الصَّلَاةَ كَمَا أَنْكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ ذَلِكَ، وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ لِمَا يَخْشَى فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ، وَلَيْسَ لَهُ حَمْلُ النَّاسُ عَلَى مَذْهَبِهِ.

(وَ) مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ (إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ) وَالْمَوَاقِفِ الَّتِي هُنَا (كُلَّ سَنَةٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015