وَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ، وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ

شُرُوطُ السَّرِقَةِ.

وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ كَقَوْلِهِ: سَرَقَ بُكْرَةً، وَالْآخَرِ عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (وَتَثْبُتُ) السَّرِقَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْقَطْعِ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) كَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ غَيْرِ الزِّنَا فَإِنَّهُ خُصَّ بِمَزِيدِ الْعَدَدِ (فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) بِسَرِقَةٍ أَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا بِهَا وَحَلَفَ مَعَهُ (ثَبَتَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ) عَلَى السَّارِقِ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ عَلَى غَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَشَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ ثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ ثُبُوتِ الْمَالِ مَا إذَا شَهِدُوا بَعْدَ دَعْوَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ، فَلَوْ شَهِدُوا حِسْبَةً لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِمْ الْمَالُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ مُنْصَبَّةٌ إلَى الْمَالِ، وَشَهَادَةَ الْحِسْبَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ) بِسَرِقَةِ مَالٍ.

[فَصَلِّ فِي شُرُوطُ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ]

(شُرُوطُ السَّرِقَةِ) الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ بِبَيَانِ السَّارِقِ بِالْإِشَارَةِ إلَى عَيْنِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَبِذِكْرِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ التَّمْيِيزُ إنْ كَانَ غَائِبًا. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ عَلَى غَائِبٍ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا إنَّمَا سُمِعَتْ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمَالِ، وَلِهَذَا لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالِكُ وَيَدَّعِيَ بِمَالِهِ كَمَا مَرَّ، وَبِبَيَانِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقِ، وَكَوْنُ السَّرِقَةِ مِنْ حِرْزٍ بِتَعْيِينِهِ أَوْ وَصْفِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ، إذْ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِسَرِقَةٍ سَرِقَةً لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ إطْلَاقِهِ مَوَاضِعَ. إحْدَاهَا: أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَطْعِ كَوْنُ الْمَسْرُوقِ نِصَابًا، وَهَذَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَهُ الشَّاهِدُ، بَلْ يَكْفِي تَعْيِينُ الْمَسْرُوقِ، ثُمَّ الْحَاكِمُ يَنْظُرُ فِيهِ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ نِصَابٌ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ. ثَانِيهَا وَمِنْ شُرُوطِهِ كَوْنُ الْمَسْرُوقِ مِلْكًا لِغَيْرِ السَّارِقِ، وَهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: سَرَقَ هَذَا، ثُمَّ الْمَالِكُ يَقُولُ هَذَا مِلْكِي وَالسَّارِقُ يُوَافِقُهُ. ثَالِثُهَا: وَمِنْ شُرُوطِهِ عَدَمُ الشُّبْهَةِ، وَمُقْتَضَاهُ اعْتِبَارُ أَنْ يَقُولَ فِي شَهَادَتِهِ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً، وَقَدْ حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ. الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَلَكِنَّ هَذَا تَأْكِيدًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشُّبْهَةِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى عَلَى هَذَا، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ، وَقِيَاسُهُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ وَيُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهُمَا فِي شَهَادَتِهِمَا.

(وَ) حِينَئِذٍ (لَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ) فِي وَقْتِ الشَّهَادَةِ (كَقَوْلِهِ) أَيْ: أَحَدِهِمَا (سَرَقَ بُكْرَةً، وَ) قَوْلِ (الْآخَرِ) سَرَقَ (عَشِيَّةً فَبَاطِلَةٌ) هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى فِعْلٍ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: فَبَاطِلَةٌ: أَيْ: النِّسْبَةُ إلَى الْقَطْعِ. أَمَّا الْمَالُ فَإِنْ حَلَفَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَعَ الشَّاهِدِ أَخَذَ الْغُرْمَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا، كَذَا قَالَاهُ، وَالْمُرَادُ حَلَفَ مَعَ مَنْ وَافَقَتْ شَهَادَتُهُ دَعْوَاهُ: أَيْ: الْحَقُّ فِي زَعْمِهِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْكِفَايَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015