فَصْلٌ اللِّعَانُ قَوْلُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا
فَإِنْ غَابَتْ، سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا
وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلِمَاتِ فَقَالَ وَإِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ أَوْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زِنًا لَيْسَ مِنِّي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، قَالَ: هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ؟ قَالَ: عَسَى أَنْ تَكُونَ نَزَعَةَ عِرْقٍ قَالَ: فَلَعَلَّ هَذَا نَزْعَةُ عِرْقٍ» وَالْأَوْرَقُ جَمَلٌ أَبْيَضُ يُخَالِطُ بَيَاضَهُ سَوَادٌ
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ: وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ فُرْقَةٌ إلَخْ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ، فَقَالَ: (اللِّعَانُ قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ) أَيْ زَوْجَتَهُ (مِنْ الزِّنَا) إذَا كَانَتْ، حَاضِرَةً، أَمَّا اعْتِبَارُ الْعَدَدِ فَلِلْآيَاتِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَكُرِّرَتْ الشَّهَادَةُ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مَقَامَ أَرْبَعِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ شَهَادَاتٍ، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ، وَأَمَّا الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ الْآتِيَةُ فَمُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْأَرْبَعِ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ تَسْمِيَةِ مَا رَمَاهَا بِهِ فَلِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُهُ عَلَى قَوْلِهِ: هَذِهِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُهَذَّبِ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ اعْتِبَارُ زَوْجَتِي هَذِهِ
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي التَّتِمَّةِ وَتَعْلِيقُ الْبَنْدَنِيجِيِّ، وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَيْهَا إلَى تَسْمِيَتِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ حَضَرَتْ، وَقِيلَ: يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْإِشَارَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَكَلَامِ الْجُمْهُورِ (فَإِنْ غَابَتْ) عَنْ الْبَلَدِ أَوْ مَجْلِسِ اللِّعَانِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا) عَنْ غَيْرِهَا دَفْعًا لِلِاشْتِبَاهِ (وَالْخَامِسَةُ) مِنْ كَلِمَاتِ لِعَانِ الزَّوْجِ هِيَ (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) لِلْآيَةِ، وَيُشِيرُ إلَيْهَا فِي الْحُضُورِ وَيُمَيِّزُهَا فِي الْغِيبَةِ كَمَا فِي الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ
تَنْبِيهٌ: إنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِضَمِيرِ الْغِيبَةِ تَأَسِّيًا بِلَفْظِ الْآيَةِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقُولُهُ الْمُلَاعِنُ: عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ (وَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ يَنْفِيهِ) عَنْهُ (ذَكَرَهُ فِي) كُلٍّ مِنْ (الْكَلِمَاتِ) الْخَمْسِ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (فَقَالَ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ) إنْ كَانَ غَائِبًا (أَوْ هَذَا الْوَلَدَ) إنْ كَانَ حَاضِرًا (مِنْ زِنًا) وَ (لَيْسَ) هُوَ (مِنِّي) لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ، فَلَوْ أَغْفَلَ ذِكْرَ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ احْتَاجَ إلَى إعَادَةِ اللِّعَانِ لِنَفْيِهِ