الِاسْتِبْرَاءِ حَلَّ النَّفْيُ فِي الْأَصَحِّ
وَلَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ حَرُمَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا حَرُمَ النَّفْيُ، وَكَذَا الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِبْرَاءِ) بِحَيْضَةٍ، وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ مِنْ الزِّنَا (حَلَّ النَّفْيُ) بِاللِّعَانِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَرَى الدَّمَ
تَنْبِيهٌ: مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحِلِّ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَالشَّرْحَ الصَّغِيرَ، وَمُقَابِلَ الْأَصَحِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ قَرِينَةَ الزِّنَا الْمُبِيحَةَ لِلْقَذْفِ جَازَ النَّفْيُ، بَلْ وَجَبَ لِحُصُولِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ النَّفْيُ، وَمَا صَحَّحَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَكَذَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَكَذَا فَعَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْعُدَّةِ وَآخَرُونَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ مِنْ حِينِ يَزْنِي الزَّانِي بِهَا؛ لِأَنَّ الزِّنَا مُسْتَنِدُ اللِّعَانِ، فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَلِأَكْثَرَ مِنْ دُونِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبَيُّنًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ جَزْمًا رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَمَا زِدْته فِي كَلَامِهِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّنَاقُضِ، وَهَلْ يُحْسَبُ ابْتِدَاءُ الْأَشْهُرِ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّمِ أَوْ مِنْ انْقِطَاعِهِ؟ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ طُرُوِّهِ؛ لِأَنَّهُ الدَّالُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ اهـ.
وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ظَاهِرٌ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ (وَلَوْ وَطِئَ) زَوْجَتَهُ فِي قُبُلِهَا (وَعَزَلَ) عَنْهَا بِأَنْ نَزَعَ وَقْتَ الْإِنْزَالِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ (حَرُمَ) نَفْيُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُسَّ بِهِ، وَلَيْسَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَجْهًا مُحَقَّقًا بَلْ احْتِمَالًا لِلْغَزَالِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقَامَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا، أَمَّا إذَا وَطِئَ فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِنَّ لَهُ النَّفْيَ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ رَجَّحَ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ فِي لُحُوقِ النَّسَبِ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَلَوْ عَلِمَ) الزَّوْجُ (زِنَاهَا وَاحْتُمِلَ) عَلَى السَّوَاءِ (كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا) بِأَنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ وَطْئِهِ (حَرُمَ النَّفْيُ) رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ: (وَكَذَا) يَحْرُمُ (الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا لِدَفْعِ النَّسَبِ أَوْ قَطْعِ النِّكَاحِ حَيْثُ لَا وَلَدَ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُلَطَّخِ، وَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ هُنَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فَائِدَةٌ وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ
وَالثَّانِي: يَجُوزُ انْتِقَامًا لَهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، وَهَذَا مَا ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّهُ الْقِيَاسُ فَأَثْبَتَهُ الشَّيْخَانِ وَجْهًا، وَرَدَّ الْقِيَاسَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَضَرَّرُ بِنِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا وَإِثْبَاتِهِ عَلَيْهَا بِاللِّعَانِ، إذْ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَتُطْلَقُ فِيهِ الْأَلْسِنَةُ فَلَا يَحْتَمِلُ هَذَا الضَّرَرَ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ
تَتِمَّةٌ لَوْ أَتَتْ امْرَأَةٌ بِوَلَدٍ أَبْيَضَ وَأَبَوَاهُ أَسْوَدَانِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يُبَحْ لِأَبِيهِ بِذَلِكَ نَفْيُهُ وَلَوْ أَشْبَهَ مَنْ تُتَّهَمُ بِهِ أُمُّهُ أَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَرِينَةُ الزِّنَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ