أَسْرَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي قَتْلِ الذّرّيّةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مَا بَالُ أَقْوَامٍ ذَهَبَ بِهِمْ الْقَتْلُ حَتّى بَلَغَ الذّرّيّةَ! أَلَا لَا تُقْتَلُ الذّرّيّةُ! ثَلَاثًا. قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ إنّمَا هُمْ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَلَيْسَ خِيَارُكُمْ أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ؟ كُلّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا، فَأَبَوَاهَا يُهَوّدَانِهَا أَوْ يُنَصّرَانِهَا.
قَالَ: حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، قَالَ: لَمّا تَرَاءَيْنَا نَحْنُ وَالْقَوْمُ رَأَيْنَا سَوَادًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ قَطّ كَثْرَةً، وَإِنّمَا ذَلِكَ السّوَادُ نَعَمٌ، فَحَمَلُوا النّسَاءَ عَلَيْهِ. قَالَ:
فَأَقْبَلَ مِثْلَ الظّلّةِ السّوْدَاءِ مِنْ السّمَاءِ حَتّى أَظَلّتْ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ وَسَدّتْ الْأُفُقَ، فَنَظَرْت فَإِذَا وَادِي حُنَيْنٍ يَسِيلُ بِالنّمْلِ، نَمْلٍ أَسْوَدَ مَبْثُوثٍ، لَمْ أَشُكّ أَنّهُ نَصْرٌ أَيّدَنَا اللهُ بِهِ، فَهَزَمَهُمْ اللهُ عَزّ وَجَلّ.
قَالَ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ: حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ شُيُوخٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالُوا: رَأَيْنَا يَوْمَئِذٍ كَالْبُجُدِ [ (?) ] السّودِ هَوَتْ مِنْ السّمَاءِ رُكَامًا [ (?) ] ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا نَمْلٌ مَبْثُوثٌ، فَإِنْ كُنّا لَنَنْفُضُهُ عَنْ ثِيَابِنَا، فَكَانَ نَصْرٌ أَيّدَنَا اللهُ بِهِ.
وَكَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ حُنَيْنٍ عَمَائِمَ حُمْرًا قَدْ أَرْخَوْهَا بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ، وَكَانَ الرّعْبُ الّذِي قَذَفَ اللهُ فِي قُلُوبِ المشركين يوم حنين [كوقع الحصى