عَنْهُمْ إذَا أَمْكَنَك اللهُ مِنْهُمْ، فَاقْتُلْهُمْ كَمَا تَقْتُلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ! فَقَالَ:
يَا أُمّ سُلَيْمٍ، قَدْ كَفَى اللهُ! عَافِيَةُ اللهِ أَوْسَعُ!
وَمَعَهَا يَوْمَئِذٍ جَمَلُ أَبِي طَلْحَةَ قَدْ خَشِيَتْ أَنْ يَغْلِبَهَا، فَأَدْنَتْ رَأْسَهُ مِنْهَا فَأَدْخَلَتْ يَدَهَا فِي خِزَامَتِهِ مَعَ الْخِطَامِ، وَهِيَ شَادّةٌ وَسَطَهَا بِبُرْدٍ لَهَا، وَمَعَهَا خَنْجَرٌ فِي يَدِهَا، فَقَالَ لَهَا أَبُو طَلْحَةَ:
مَا هَذَا مَعَك يَا أُمّ سُلَيْمٍ؟ قَالَتْ: خَنْجَرٌ أَخَذْته مَعِي، إنْ دَنَا مِنّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَعَجْته [ (?) ] بِهِ. قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: مَا تَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَقُولُ أُمّ سُلَيْمٍ؟
وَكَانَتْ أُمّ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيّةُ أَخَذَتْ بِخِطَامِ جَمَلِ أَبِي الْحَارِثِ زَوْجِهَا، وَكَانَ جَمَلُهُ يُسَمّى الْمِجْسَارَ، فَقَالَتْ: يَا حَارِ، تترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! فأخذت بخطام الجمل، يُرِيدُ أَنْ يَلْحَقَ بِأُلّافِهِ [ (?) ] ، وَالنّاسُ يُوَلّونَ مُنْهَزِمِينَ، وَهِيَ لَا تُفَارِقُهُ. فَقَالَتْ أُمّ الْحَارِثِ: فَمَرّ بى عمر ابن الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ أُمّ الْحَارِثِ: يَا عُمَرُ. مَا هَذَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَمْرُ اللهِ. وَجَعَلَتْ أُمّ الْحَارِثِ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ جَاوَزَ بَعِيرِي فَأَقْتُلُهُ، وَاَللهِ إنْ رَأَيْت كَالْيَوْمِ مَا صَنَعَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ بِنَا! تَعْنِي بَنِي سُلَيْمٍ وَأَهْلَ مَكّةَ الّذِينَ انْهَزَمُوا بِالنّاسِ.
حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ قَالَ: حَدّثَنِي محمد بن عبد الله بن أبي صعصعة أَنّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ يَصِيحُ يَوْمَئِذٍ بِالْخَزْرَجِ: يَا لَلْخَزْرَجِ! يَا لَلْخَزْرَجِ! وأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: يَا لَلْأَوْسِ! ثَلَاثًا. فَثَابُوا وَاَللهِ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ كَأَنّهُمْ النّحْلُ تَأْوِي إلَى يَعْسُوبِهَا [ (?) ] . قَالَ: فحنق المسلمون عليهم فقتلوهم حتى