أَعْرَضُوا عَنّي جَمِيعًا، فَلَقِيَنِي ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ معرضا، ونظرت إلى عمر ويغرى بى رجلا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَأَلَزّ [ (?) ] بِي رَجُلٌ يَقُولُ: يَا عَدُوّ اللهِ، أَنْتَ الّذِي كُنْت تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُؤْذِي أَصْحَابَهُ قَدْ بَلَغْت مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فِي عَدَاوَتِهِ! فَرَدَدْت بَعْضَ الرّدّ عَنْ نَفْسِي، فَاسْتَطَالَ عَلِيّ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ حَتّى جَعَلَنِي فِي مِثْلِ الْحَرَجَةِ [ (?) ] مِنْ النّاسِ يُسَرّونَ بِمَا يَفْعَلُ بِي.
قَالَ: فَدَخَلْت عَلَى عَمّي الْعَبّاسِ فَقُلْت: يَا عَبّاسُ، قَدْ كُنْت أَرْجُو أَنْ سَيَفْرَحُ رَسُولُ اللهِ بِإِسْلَامِي لِقَرَابَتِي وَشَرَفِي، وَقَدْ كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ رَأَيْت، فَكَلّمَهُ لِيَرْضَى عَنّي! قَالَ: لَا وَاَللهِ، لَا أُكَلّمُهُ كَلِمَةً فِيك أَبَدًا بَعْدَ الّذِي رَأَيْت مِنْهُ إلّا أَنْ أَرَى وَجْهًا، إنّي أُجِلّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهَابُهُ.
فَقُلْت: يَا عَمّي إلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: فَلَقِيت عَلِيّا رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ فَكَلّمْته فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَجَعْت إلَى الْعَبّاسِ فَقُلْت:
يَا عَمّ فَكُفّ عَنّي الرّجُلَ الّذِي يَشْتُمُنِي. قَالَ: صِفْهُ لِي. فَقُلْت: هُوَ رَجُلٌ آدَمُ [ (?) ] شَدِيدُ الْأُدْمَةِ، قَصِيرٌ، دَحْدَاحٌ [ (?) ] ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ شَجّةٌ. قَالَ: ذَاكَ نُعْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ النّجّارِيّ. فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَقَالَ: يَا نُعْمَانُ، إنّ أَبَا سُفْيَانَ ابْنُ عَمّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ أَخِي، وَإِنْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاخِطًا فَسَيَرْضَى، فَكُفّ عَنْهُ، فَبَعْدَ لَأْيٍ مَا كَفّ. وَقَالَ: لَا أَعْرِضُ عَنْهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَخَرَجْت فَجَلَسْت عَلَى بَابِ منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حَتّى خَرَجَ إلَى الْجُحْفَةِ، وَهُوَ لَا يُكَلّمُنِي ولا أحد من المسلمين.