مما لا شك فيه أن لفظة «السيرة» قد استعملت بمعنى سيرة النبي قبل ورودها عند ابن هشام فى روايته عن ابن إسحاق، ويتضح مما جاء فى كتاب الأغانى أن استعمال الكلمة بهذا المعنى الخاص كان معروفا فى زمن محمد بن شهاب الزهري، فقد أورد الأصفهانى النص الآتي: قال المدائني فى خبره- أى فى خبر خالد بن عبد الله القسري- وأخبرنى ابن شهاب قال: قال لى خالد بن عبد الله القسري:
اكتب لى النسب. فبدأت بنسب مضر وما أتممته، فقال: اقطعه، قطعه الله مع أصولهم، واكتب لى السيرة [ (?) ] .
ومع ذلك فإن اللفظتين- سيرة، ومغازي- مستعملتان بمعنى واحد لا يفرق بينهما، فقد ذكر ابن كثير سيرة ابن إسحاق وقال: قال ابن إسحاق فى المغازي [ (?) ] . على أن كلا من اللفظتين مضلل بحيث إن موضوع اللفظة غير مقيد بسيرة النبي على الإطلاق فى الحالة الأولى ولمغازيه فى الحالة الثانية.
والحقيقة أن التنوع الواسع فى المواضيع ظاهرة مهمة فى أدب السيرة والمغازي، ويمكن أن نلمس فيها النشأة الأولى فى تقدم وتطور علوم الحديث والتفسير والتاريخ.
من المعروف أن أشهر ما ألف فى السيرة هو كتابا ابن إسحاق والواقدي، ولكنهما مع ذلك ليسا بأول من جمع الأخبار فى هذا الميدان العلمي.
ولا شك أن موضوع السيرة ومنهج التأليف فيه ثابت ومقدر قبل أن يكتب ابن إسحاق سيرته المعروفة. وقد أخطأ لفى دلّا فيدا- Leviعز وجلellaVida- حين زعم أن سيرة ابن إسحاق تجربة ثورية فى الكتابة التاريخية [ (?) ] .
وغنى عن القول أن أقوال النبي وأعماله كان لهما أهمية كبرى إبان حياته وأهمية أكبر بعد موته، وقد أوجبت هذه الأهمية العناية الشاملة بتدوين تفاصيل حياته وبجمع الأحاديث والأخبار عنه. ولم يكن الدافع لهذه