مَنْ سَبَى، وَأَسْهَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا، وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ.
فَلَمّا أَمْسَوْا أَمَرَ النّاسَ بِالرّحِيلِ، وَمَضَى الدّلِيلُ أَمَامَهُ، حُرَيْثٌ الْعُذْرِيّ، فأخذوا الطريق التي جاء مِنْهَا، وَدَانُوا لَيْلَتَهُمْ حَتّى انْتَهَوْا بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ، ثُمّ طَوَى الْبِلَادَ حَتّى انْتَهَى إلَى وَادِي الْقُرَى فِي تِسْعِ لَيَالٍ، ثُمّ قَصَدَ بَعْدُ فِي السّيْرِ فَسَارَ [ (?) ] إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَا أُصِيبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ هِرَقْلَ وَهُوَ بِحِمْصَ، فَدَعَا بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ: هَذَا الّذِي حَذّرْتُكُمْ، فَأَبَيْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوهُ مِنّي.
قَدْ صَارَتْ الْعَرَبُ تَأْتِي مَسِيرَةَ شَهْرٍ تُغِيرُ عَلَيْكُمْ، ثُمّ تَخْرُجُ مِنْ سَاعَتِهَا وَلَمْ تُكْلَمْ. قَالَ أَخُوهُ: سَأَقُومُ [ (?) ] فَأَبْعَثُ رَابِطَةً [ (?) ] تَكُونُ بِالْبَلْقَاءِ [ (?) ] .
فَبَعَثَ رَابِطَةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا حَتّى قَدِمَتْ الْبُعُوثُ إلَى الشّامِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
قَالُوا: وَاعْتَرَضَ لِأُسَامَةَ فِي مُنْصَرَفِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ كَثْكَثٍ- قَرْيَةٌ هُنَاكَ- قَدْ كَانُوا اعْتَرَضُوا لِأَبِيهِ فِي بَدْأَتِهِ فَأَصَابُوا مِنْ أَطْرَافِهِ، فَنَاهَضَهُمْ أُسَامَةُ بِمَنْ مَعَهُ، وَظَفِرَ بِهِمْ وَحَرّقَ عَلَيْهِمْ، وَسَاقَ نَعَمًا مِنْ نَعَمِهِمْ، وَأَسَرّ مِنْهُمْ أَسِيرَيْنِ فَأَوْثَقَهُمَا، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ، فَقَدِمَ بِهِمَا الْمَدِينَةَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا.
قَالَ: فَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ يَحْيَى بْنِ النّضْرِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ بَعَثَ بَشِيرَهُ مِنْ وَادِي الْقُرَى بِسَلَامَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنّهُمْ قَدْ أَغَارُوا عَلَى الْعَدُوّ فَأَصَابُوهُمْ، فَلَمّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِقُدُومِهِمْ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الْمُهَاجِرِينَ، وَخَرَجَ أَهْلُ المدينة حتى العواتق سرورا بسلامة أسامة