اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنّاسِ: زَوّدُوا!
فَاتّسَعَ الْمَاءُ، وَانْبَسَطَ النّاسُ حَتّى يُصَفّ عَلَيْهِ الْمِائَةُ وَالْمِائَتَانِ، فَأَرْوَوْا، وَإِنّ الْقَعْبَ لَيَجِيشُ بِالرّوَاءِ، ثُمّ رَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبْرِدًا مُتَرَوّيًا مِنْ الْمَاءِ.
قَالَ: وَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: خَرَجَتْ الْخَيْلُ فِي كُلّ وَجْهٍ يَطْلُبُونَ الْمَاءَ، وَكَانَ أَوّلَ مَنْ طلع به ويخبره صَاحِبُ فَرَسٍ أَشْقَرَ، ثُمّ الثّانِي أَشْقَرُ، ثُمّ الثّالِثُ أَشْقَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمّ، بَارِكْ فِي الشّقْرِ!
قَالَ:
حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَسَعْدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي مُرّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَيْرُ الْخَيْلِ الشّقْرُ.
قَالُوا: لَمّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ الطّرِيقِ مَكَرَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَائْتَمَرُوا أَنْ يَطْرَحُوهُ مِنْ عَقَبَةٍ فِي الطّرِيقِ. فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْعَقَبَةَ أَرَادُوا أَنْ يَسْلُكُوهَا مَعَهُ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَهُمْ، فَقَالَ لِلنّاسِ: اُسْلُكُوا بَطْنَ الْوَادِي، فَإِنّهُ أَسْهَلُ لَكُمْ وَأَوْسَعُ! فَسَلَكَ النّاسُ بَطْنَ الْوَادِي وَسَلَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَقَبَةَ، وَأَمَرَ عَمّارَ بْنَ يَاسِرٍ أَنْ يَأْخُذَ بِزِمَامِ النّاقَةِ يَقُودُهَا، وَأَمَرَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَسُوقُ مِنْ خَلْفِهِ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي الْعَقَبَةِ إذْ سَمِعَ حِسّ الْقَوْمِ قَدْ غَشَوْهُ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ حُذَيْفَةَ أَنْ يَرُدّهُمْ، فَرَجَعَ حُذَيْفَةُ إلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَوْا غَضَبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ وُجُوهَ رَوَاحِلِهِمْ بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ.
وَظَنّ الْقَوْمُ أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُطْلِعَ عَلَى مَكْرِهِمْ، فَانْحَطّوا مِنْ الْعَقَبَةِ مُسْرِعِينَ حَتّى خَالَطُوا النّاسَ، وَأَقْبَلَ حُذَيْفَةُ حَتّى أَتَى رسول الله