اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرّكْوَةِ فَأَفْرَغَ مَا فِي الْإِدَاوَةِ فِيهَا، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَيْهَا فَنَبَعَ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ. وَأَقْبَلَ النّاسُ فَاسْتَقَوْا، وَفَاضَ الْمَاءُ حَتّى تَرَوّوْا، وَأَرْوَوْا خَيْلَهُمْ وَرِكَابَهُمْ، فَإِنْ كَانَ فِي الْعَسْكَرِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ بَعِيرٍ- وَيُقَالُ:
خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفِ بَعِيرٍ- وَالنّاسُ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَالْخَيْلُ عَشْرَةُ آلَافٍ. وَذَلِكَ
قَوْلُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي قَتَادَةَ: احْتَفِظْ بِالرّكْوَةِ وَالْإِدَاوَةِ!
وَكَانَ فِي تَبُوكَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ مُنْحَدِرًا إلَى الْمَدِينَةِ- وَهُوَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ- عَطِشَ الْعَسْكَرُ بَعْدَ الْمَرّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَطَشًا شَدِيدًا حَتّى لَا يُوجَدُ لِلشّفَةِ مَاءٌ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، فِي يَوْمٍ صَائِفٍ وَهُوَ مُتَلَثّمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَسَى أَنْ تَجِدَ لَنَا مَاءً. فَخَرَجَ- وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ الْحِجْرِ وَتَبُوكَ- فَجَعَلَ يَضْرِبُ فِي كُلّ وَجْهٍ، فَيَجِدُ رَاوِيَةً مِنْ مَاءٍ مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ بَلِيّ، وَكَلّمَهَا أُسَيْدٌ فَخَبّرَهَا بِخَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: هَذَا الْمَاءُ، فَانْطَلِقْ بِهِ إلَى رَسُولِ اللهِ! وَقَدْ وَضَعَتْ لَهُمْ الْمَاءَ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطّرِيقِ هُنَيّةٌ، فَلَمّا جَاءَ أُسَيْدٌ بِالْمَاءِ دَعَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ، ثُمّ قَالَ: هَلُمّوا أَسْقِيَتَكُمْ! فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ سِقَاءٌ إلّا ملأوه، ثُمّ دَعَا بِرِكَابِهِمْ وَخُيُولِهِمْ فَسَقَوْهَا حَتّى نَهِلَتْ. وَيُقَالُ: إنّمَا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا جَاءَ بِهِ أُسَيْدٌ وَصَبّهُ فِي قَعْبٍ عَظِيمٍ مِنْ عِسَاسِ [ (?) ] أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَأَدْخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَهُ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، ثُمّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمّ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدّا، ثُمّ انصرف وإنّ القعب ليفور. فقال رسول