وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدْ دَفَعَ رَايَةَ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ إلَى عُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ، فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَأَعْطَاهُ الرّايَةَ. قَالَ عُمَارَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَعَلّك وَجَدْت عَلَيّ [ (?) ] ! قَالَ: لَا وَاَللهِ، وَلَكِنْ قَدّمُوا الْقُرْآنَ، وَكَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ مِنْك، وَالْقُرْآنُ يُقَدّمُ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ مُجَدّعًا [ (?) ] . وَأَمَرَ فِي الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ أَنْ يَحْمِلَ رَايَاتِهِمْ أَكْثَرُهُمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ، وَكَانَ أَبُو زَيْدٍ يَحْمِلُ رَايَةَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَحْمِلُ رَايَةَ بَنِي سَلِمَةَ.
وَصَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بِأَصْحَابِهِ فِي سَفَرِهِ وَعَلَيْهِ جُبّةٌ صُوفٌ وَقَدْ أَخَذَ بِعَنَانِ فَرَسِهِ- أَوْ قَالَ:
مِقْوَدِ فَرَسِهِ- وَهُوَ يُصَلّي، فَبَالَ الْفَرَسُ فَأَصَابَ الْجُبّةَ فَلَمْ يَغْسِلْهُ وَقَالَ:
لَا بَأْسَ بِأَبْوَالِهَا وَلُعَابِهَا وَعَرَقِهَا.
قَالُوا: وَكَانَ رَهْطٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَسِيرُونَ مَعَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَبُوكَ، مِنْهُمْ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ، أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَالْجُلَاسُ ابن سُوَيْدِ بْنِ الصّامِتِ، ومخشي بْنُ حِمْيَرَ مِنْ أَشْجَعَ، حَلِيفٌ لِبَنِي سَلِمَةَ، وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ. فَقَالَ: تَحْسَبُونَ قِتَالَ بَنِي الْأَصْفَرِ كَقِتَالِ غَيْرِهِمْ؟
وَاَللهِ لَكَأَنّا بِكُمْ غَدًا مُقَرّنِينَ فِي الْحِبَالِ! إرْجَافًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ وَدِيعَةُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لِي أَرَى قُرّاءَنَا [ (?) ] هَؤُلَاءِ أَوْعَبَنَا [ (?) ] بُطُونًا، وَأَكْذَبَنَا ألسنة، وأجبننا عند اللّقاء؟ وقال الجلاس ابن سُوَيْدٍ، وَكَانَ زَوْجُ أُمّ عُمَيْرٍ، وَكَانَ ابْنُهَا عمير يتيما فى حجره: هؤلاء