فَأُخْبِرُهُ بِهِمْ، وَهُوَ يَسْأَلُنِي مَا فَعَلَ النّفَرُ الْحُمْرُ الطّوَالُ النّطَانِطِ [ (?) ] ؟
فَحَدّثْته بِتَخَلّفِهِمْ. قَالَ: فَمَا فَعَلَ النّفَرُ السّودُ الْقِصَارُ الْجِعَادُ الْحُلْسُ [ (?) ] ؟
فَقُلْت: وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَعْرِفُ هَؤُلَاءِ. قَالَ: بَلَى، الّذِينَ هُمْ بِشَبَكَةِ شَدَخٍ [ (?) ] . قَالَ: فَتَذَكّرْتهمْ فِي بَنِي غِفَارٍ فَلَا أَذْكُرُهُمْ، ثُمّ ذَكَرْت أَنّهُمْ رَهْطٌ مِنْ أَسْلَمَ كَانُوا فِينَا وَكَانُوا يَحِلّونَ بِشَبَكَةِ شَدَخٍ، لَهُمْ نَعَمٌ كَثِيرٌ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، أُولَئِكَ رَهْطٌ مِنْ أَسْلَمَ حُلَفَاءُ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَ أَحَدٌ أُولَئِكَ حِينَ تَخَلّفَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ إبِلِهِ رَجُلًا نَشِيطًا فِي سَبِيلِ اللهِ مِمّنْ يَخْرُجُ مَعَنَا، فَيَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الْخَارِجِ! إنْ كَانَ لَمِنْ أَعَزّ أَهْلِي عَلَيّ أَنْ يَتَخَلّفَ عَنّي! الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارُ، وَغِفَارٌ، وَأَسْلَمُ.
وَقَالُوا: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فِي مَسِيرِهِ مَرّ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ الْعَسْكَرِ قَدْ تَرَكَهُ صَاحِبُهُ مِنْ الْعَجَفِ وَالضّعْفِ، فَمَرّ بَهْ مَارّ فَأَقَامَ عَلَيْهِ وَعَلَفَهُ أَيّامًا ثُمّ حَوّلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلُحَ الْبَعِيرُ فَسَافَرَ عَلَيْهِ، فَرَآهُ صَاحِبُهُ الْأَوّلُ، فَاخْتَصَمَا إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: من أحيى خُفّا أَوْ كُرَاعًا بِمَهْلَكَةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ له.
قالوا: وكان الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَمِنْ الْخَيْلِ عَشْرَةُ آلَافٍ فَرَسٌ. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلّ بَطْنٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنْ يَتّخِذُوا لِوَاءً وَرَايَةً، وَالْقَبَائِلُ مِنْ الْعَرَبِ فِيهَا الرّايَاتُ وَالْأَلْوِيَةُ.