مغازي الواقدي (صفحة 1036)

عَلَى الْقِتَالِ وَالْجِهَادِ، وَرَغّبَهُمْ فِيهِ، وَأَمَرَهُمْ بِالصّدَقَةِ، فَحَمَلُوا صَدَقَاتٍ كَثِيرَةً، فَكَانَ أَوّلَ مَنْ حَمَلَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، جَاءَ بِمَالِهِ كُلّهِ أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أَبْقَيْت شَيْئًا؟ قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! وَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِنِصْفِ مَالِهِ، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَبْقَيْت شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، نِصْفَ مَا جِئْت بِهِ. وَبَلَغَ عُمَرَ مَا جَاءَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا اسْتَبَقْنَا إلَى الْخَيْرِ قطّ إلّا سَبَقَنِي إلَيْهِ. وَحَمَلَ الْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ عَلَيْهِ السّلَامُ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالًا، وَحَمَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالًا، وَحَمَلَ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إلَيْهِ مَالًا، مِائَتَيْ أُوقِيّةٍ، وَحَمَلَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إلَيْهِ مَالًا، وَحَمَلَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ إليه مالا. وتصدّق عاصم ابن عَدِيّ بِتِسْعِينَ وَسْقًا تَمْرًا. وَجَهّزَ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثُلُثَ ذَلِكَ الْجَيْشِ، فَكَانَ مِنْ أَكْثَرِهِمْ نَفَقَةً، حَتّى كَفَى ذَلِكَ الجيش مؤونتهم، حَتّى إنْ كَانَ لَيُقَالُ: مَا بَقِيَتْ لَهُمْ حَاجَةٌ! حَتّى كَفَاهُمْ شُنُقَ [ (?) ] أَسْقِيَتِهِمْ.

فَيُقَالُ: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يَوْمَئِذٍ: مَا يَضُرّ عُثْمَانَ مَا فَعَلَ بَعْدَ هَذَا!

وَرَغِبَ أَهْلُ الْغِنَى فِي الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ، وَاحْتَسَبُوا فِي ذَلِكَ الْخَيْرَ، وَقَوّوْا أُنَاسٌ دُونَ هَؤُلَاءِ مَنْ هُوَ أَضْعَفُ مِنْهُمْ، حَتّى إنّ الرّجُلَ لَيَأْتِي بِالْبَعِيرِ إلَى الرّجُلِ وَالرّجُلَيْنِ فَيَقُولُ: هَذَا الْبَعِيرُ بَيْنَكُمَا تَتَعَاقَبَانِهِ [ (?) ] ، وَيَأْتِي الرّجُلُ بِالنّفَقَةِ فَيُعْطِيهَا بَعْضَ مَنْ يَخْرُجُ، حَتّى إنْ كُنّ النساء ليعنّ بكلّ ما قدرن عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015