القرَّاء الذين يَقرؤون القرآنَ بالألحان: وعليهم إعمال جهدهم في تأدية كلام اللَّه تعالى كما أُنزل، من غير مطمطة (?) ولا عجرفة (?)؛ بل بلفظ بيِّن. وقد اشتملت كتب القرَّاء على الغرض من ذلك. ولو وقف على من يقرأ، وجرت العادة في ذلك البلد بترك الإقراء يوم الجمعة مثلًا، قال ابن الصلاح رحمه اللَّه تعالى: لا يعتبر بالعادة، وعليه الجلوس يوم الجمعة. قلت: وهذا إن احتمل طريان العادة على زمن الوقف فواضح، وأمَّا إن تحقّق وجودها وقت تلفّظ الواقف ففيه نظر واحتمال. وممَّا يكره عليهم، وعلى المنشدين أيضًا أنَّهم يأتون إلى دور الأمراء وقت حكمهم، فيأتون في أخريات الناس وهم لا يلتفت إليهم. ويقرأ أحدهم عشرًا، أو مدحًا في النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بين يديّ أمير أو ديوان أبكم. لا يفهم ما يُقال، وهو مع ذلك مشغول بحكمه وما هو فيه. وكان المتعين على من منحه اللَّه تعالى القرآن أو مدح نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن ينزههما عن هذا المقام، رأيت منشدًا حضر الى مُخيّم بعض الأمراء والخلق تزدحم، وهو ينشد ويذكر صفات سيَّدنا محمد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والقوم لا ينصتون له، ولا فيهم من يدري ما يقول؛ فحصل بذلك من الألم ما (كاد يصهر) قلبي.
ومن شكر نعمة اللَّه تعالى على ذوي الأصوات الحسنة من القرَّاء والمنشدين ألَّا يستعملوا أصواتهم في الغناء المحرَّم، ومجالس الخمور والمنكرات وليجتنبوا مقت الرب وغضبه، تبارك وتعالى.
خازن الكُتب: وحقَّ عليه الاحتفاظ بها، وترميم شَعَثها، وحبكُها عند