رحمه اللَّه في حقِّ الأشاعرة. والذهبي أستاذنا -والحق أحقُّ أن يتبع- ولا يحل لمؤمن يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يعتمد عليه في الضعة من الأشاعرة. وقد أطلنا في تقرير هذا الفصل في الطبقات الكبرى، وحكينا في ترجمة أحمد بن صالح المصريّ ما ذكره الشيخ الإِمام في شروط المؤرّخ، ومن كلام أبي عُمَر بن عبد البرّ وغيره ما يزداد به الإنسان بصيرة. ومن ذلك فقهاء عصر واحد؛ فلا ينبغي سماع كلام بعضهم في بعض. وقد عقد ابن عبد البرّ بابًا في أنَّ كلام العلماء بعضهم في بعض لا يُقبل، وإن كان كل منهم بمفرده ثقة حجّة. ومنهم من تأخذه في الفروع الحمِيّة لبعض المذاهب، ويركب الصعْب والذَّلول في العصبية وهذا من أسوأ أخلاقه. ولقد رأيتُ في طوائف المذاهب من يبالِغ في التعصُّب بحيث يمتنع بعضهم من الصلاة خلف بعض إلى غير ذلك ممَّا يستقبح ذكره. ويا ويح هؤلاء! أين هم من اللَّه تعالى! ولو كان الشافعيّ وأبو حنيفة رحمهما اللَّه تعالى حيَّيْن لشدَّدا النكير على هذه الطائفة -وليتَ شعري لم لا تركوا أمر الفروع التي العلماء فيها على قولين، من قائل: كلّ مجتهد مصيب، وقائلٍ: المصيب واحد، ولكن المخطئ يؤجَر، واشتغلوا بالردِّ على أهل البدع والأهواء! وهؤلاء الحنفيّة والشافعيّة والمالكية وفضلاء الحنابلة -وللَّه الحمد- في العقائد يدٌ واحدة كلهم على رأي أهل السنَّة والجماعة، يدينون اللَّه تعالى بطريق شيخ السنّة أبي الحسن الأشعري رحمه اللَّه، لا يحيد عنها إلَّا رَعَاع من الحنفية والشافعية، لحقوا بأهل الإِعتزال، ورَعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرَّأ اللَّه المالكية فلم نرَ مالكيًّا إلَّا أشعريًا عقيدة. وبالجملة عقيدة الأشعريّ هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاويّ التي تلقَّاها علماء المذاهب بالقبول، ورضوها عقيدة. وقد ختمنا كتابنا جمع الجوامع بعقيدة ذكرنا أن سلف الأمة عليها. وهي وعقيدة الطحاويّ. وعقيدة أبي القاسم القشيري والعقيدة المسماة بالمُرشِدة مشتركات في أصول أهل السنَّة والجماعة. فقل لهؤلاء المتعصّبين في الفروع: ويحكم ذروا التعصب، ودعوا عنكم هذه الأهوية (?)، ودافعوا عن دين الإِسلام، وشمّروا