المحتسب: وعليه النظر في القوت، وكشف غُمَّة المسلمين فيما تدعو إليه حاجتهم من ذلك، والاحتراز في المشروب؛ فطالما أَوهم الخمَّار أنه فُقّاعي (?) أو أَقْسِماوِيّ (?) والطعام؛ فطالما أوهم الطبّاخ أنَّ لحم الكلاب لحم ضأن. فليتَّق اللَّه ربَّه، ولا يكن سببًا في إدخال جوف المسلمين ما كرهه اللَّه لهم من الخبائث. ويحرِّم عليه التسعير في كل وقت على الصحيح، وقيل: يجوز في زمان الغلاء، وقيل: يجوز إذا لم يكن مجلوبًا، بل كان مزروعًا في البلد، وكان عند الشتاء. وإذا سعَّر الإِمام انقادت الرعيَّة لحكمه، ومن خالفه استحقَّ التعزير. ومن مهمَّات المحتسب -لا سيّما في بلاد الشام- أمران ارتبطا به. أحدهما النقود من الذهب والفضة المضروبين، ولا يخفى أنَّ في زَغلهما هلاكَ أموال البشر؛ فعليه اعتبار العيار بمِحكّ النظر، والتثبت في سِكّة المسلمين. وثانيهما المياه. فعليه الاحتراز في سياقتها. وقد جرت عادة أناس في الشام أن يشتري بعضهم قدرًا معلومًا من ماء نهر ثَوْرَي أو بأناس مثلًا، ويتحيَّل لصحته بأن يورد العقد على مقرّه بما له فيه من حقّ الماء وهو كذا إصبعًا ثم يسوقه، ويحمله على مياه الناس برضا طائفة يسيرة منهم. وكان الشيخ الإِمام رحمه اللَّه يشدِّد النكير في هذا. وله فيه تصنيف سماه "الكلام على أنهار دمشق". والحاصل أنَّ الخلق في أنهار دمشق سواء يقدَّم الأعلى منهم فالأعلى. ولا يجوز بيع شيء من الماء ولا مقرَّه، ولا يفيد رضا قوم ولا كلهم؛ لأنهم لا يملكون إلَّا الانتفاع، بل ولا رضا أهل الشام بجملتهم لأنَّ رضاهم لا يكون رضا من بعدهم مِمَّن يحدث من الخلق.
العلماء: وهم فرق كثيرة: منهم المفسِّر والمحدِّث والفقيه والأصوليُّ