يمكن وجودها، لأنه استوت نسبته إلى الكل فسمي كليا بهذا الإعتبار، إذ نسبته إلى كل واحد واحدة، فلهذه الصورة نسبة إلى أحد الأشخاص وغيرها واحدة كان مثال مطابقها كذلك، لهذا قيل إنه كلي، ونسبته إلى النفس وإلى سائر الصور المرتسمة في النفس؛ وهذا هو الذي أشكل على المتكلمين وعبروا عنه بالحال، واختلفوا في إثباته ونفيه وقال قوم ليس بموجود ولا معدوم، وأنكره قوم وأشكل عليهم الإفتراق والإشتراك بين الأسماء إذ السواد والبياض يشتركان في اللونية ويفترقان في شيء فيفكيف يكون مافيه الإفتراق وما فيه الإشتراك واحدا؟ ومنشأ ذلك سوء فهم بعضم عن اعتقاد شيء له وجود في النفس لا وجود لهمن خارج، إذا ثبت في النفس صورة كلية، وليس في الوجود كونها كلية بهذا الإعتبار بل هو ثابت في الأعيان بالإعتبار الأول، ومعنى كليتها التماثل دون الإتحاد في الإنسانية الموجودة لزيد والإنسانية الموجودة لعمرو في كونها إنسانية بالعدد.
وأما مثاله في النفس العاقل للانسانية فمطابق له ولإنسانيته زيد وعمرو مطابقة واحدة، والصورة في نفسها واحدة ومع وحدتها مطابقة للكثرة، كأنها بالإضافة إليه أيضا واحدة، أعني تلك الكثرة؛ فهذا تحقيق معنى الكلي، وهو من أغمض ما يدرك وأهم ما يطلب إذ جميع المعقولات فرع لتحقيق هذه المعاني فلا بد من تبيينها.